مواقف وقصص إيمانية مؤثرة

 القصة الأولى


بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نقلت لكم قصه واقعية مؤثرة وهي من أروع القصص التي قرأتها فأرجو قراءتها ومحاسبة أنفسكم ......
إنها قصة من أروع القصص الواقعية المؤثرة ، حصلت لطفلة صغيرة تقية صالحة رغم صغر سنها ، وهي قصة من أعجب القصص سيرويها لكم أبوها وهو لبناني اشتغل في السعودية فترة من الزمن .
قال: عشت في الدمام عشر سنين ورزقت فيها بابنة واحدة أسميتها ياسمين،
وكان قد ولد لي من قبلها ابن واحد وأسميته احمد وكان يكبرها بثمان سنين وكنت اعمل هنا في مهنة هندسية..فأنا مهندس وحائز على درجة الدكتوراة.. كانت ياسمين آية من الجمال لها وجه نوراني زاهر..ومع بلوغها التسع سنوات رأيتها من تلقاء نفسها تلبس الحجاب وتصلي وتواظب على قراءة القرآن بصورة ملفتة للنظر.. فكانت ما إن تنتهي من أداء واجباتها المدرسية حتى تقوم على الفور وتفترش سجادة صلاتها الصغيرة وتأخذ بقرآنها وهي ترتله ترتيلا طفوليا ساحرا..كنت أقول لها قومي العبي مع صديقاتك فكانت تقول:
صديقي هو قرآني وصديقي هو ربي
ونعم الصديق..ثم تواصل قراءة القرآن..
وذات يوم اشتكت من ألم في بطنها عند النوم .. فأخذتها إلى المستوصف القريب فأعطاها بعض المسكنات فتهدأ آلامها يومين.. ثم تعاودها.. وهكذا تكررت الحالة.. ولم أعط الأمر حينها أي جدية.. وشاء الله أن تفتح الشركة التي أعمل بها فرعا في الولايات المتحدة الأمريكية.. وعرضوا علي منصب المدير العام هناك فوافقت .. ولم ينقض شهر واحد حتى كنا في أحضان أمريكا مع زوجتي واحمد وياسمين..ولا أستطيع وصف سعادتنا بتلك الفرصة الذهبية والسفر للعيش في أمريكا هذا البلد العملاق الذي يحلم بالسفر إليه كل إنسان..
بعد مضي قرابة الشهرين على وصولنا إلى أمريكا عاودت الآلام ياسمين فأخذتها إلى دكتور باطني متخصص..فقام بفحصها
وقال: ستظهر النتائج بعد أسبوع ولا داعي للقلق
ادخل كلام الطبيب الاطمئنان إلى قلبي..وسرعان ما حجزت لنا مقاعد على أقرب رحلة إلى مدينة الألعاب (أورلاندو) وقضينا وقتا ممتعا مع ياسمين..بين الألعاب
والتنزه هنا وهناك .. وبينما نحن في متعة المرح..رن صوت هاتفي النقال .. فوقع قلبي .. لا أحد في أمريكا يعرف رقمي..عجبا أكيد الرقم خطأ فترددت في الإجابة .. وأخيرا ضغطت على زر الإجابة..
الو..من المتحدث ؟؟
أهلا يا حضرة المهندس.. معذرة على الإزعاج فأنا الدكتور ستيفن.. طبيب ياسمين هل يمكنني لقاؤك في عيادتي غدا ؟
وهل هناك ما يقلق في النتائج ؟!
في الواقع نعم .. لذا أود رؤية ياسمين .. وطرح عدد من الأسئلة قبل التشخيص النهائي..
حسنا سنكون عصر غد عند الخامسة في عيادتك إلى اللقاء.. اختلطت المخاوف والأفكار في رأسي..ولم ادر كيف أتصرف فقد بقي في برنامج الرحلة يومان وياسمين في قمة السعادة لأنها المرة الأولى التي تخرج فيها للتنزه منذ وصولنا إلى أمريكا .. وأخيرا أخبرتهم بأن الشركة تريد حضوري غدا إلى العمل لطارئ ما .. وهي فرصة جيدة لمتابعة تحاليل ياسمين فوافقوا جميعا على العودة بشرط أن نرجع إلى أورلاند في العطلة الصيفية وفي العيادة استهل الدكتور ستيفن حديثه لياسمين بقوله:
- مرحبا ياسمين
كيف حالك ؟
جيدة ولله الحمد..ولكني أحس بآلام وضعف، لا أدري مما ؟
وبدأ الدكتور يطرح الأسئلة الكثيرة..وأخيرا طأطأ رأسه وقال لي: -
تفضل
في الغرفة الأخرى..
وفي الحجرة انزل الدكتور على رأسي صاعقة..تمنيت عندها لو أن الأرض انشقت وبلعتني..
قال الدكتور: -
منذ متى وياسمين تعاني من المرض ؟
قلت: منذ سنة تقريبا وكنا نستعمل المهدئات وتتعافى ..
فقال الطبيب: ولكن مرضها لا يتعافى بالمهدئات..أنها مصابة بسرطان الدم
في مراحله الأخيرة جدا..ولم يبق لها من العمر إلا ستة اشهر..وقبل مجيئكم تم عرض التحاليل على أعضاء لجنة مرضى السرطان في المنطقة وقد أقروا جميعا
بذلك من واقع التحاليل ..
فلم أتمالك نفسي وانخرطت في البكاء
وقلت: مسكينة..والله مسكينة ياسمين هذه الوردة الجميلة..كيف ستموت
وترحل عن الدنيا..وسمعت زوجتي صوت بكائي فدخلت ولما علمت أغمى عليها..
وهنا دخلت ياسمين و‏ابني أحمد وعندما علم أحمد بالخبر احتضن أخته
وقال: مستحيل أن تموت ياسمين..
فقالت ياسمين ببراءتها المعهودة: أموت..يعني ماذا أموت ؟ فتلعثم الجميع من هذا السؤال..
فقال الطبيب: يعني سترحلين إلى الله..
فقالت ياسمين: حقا سأرحل إلى الله ؟!.. وهل هو سيئ الرحيل إلى الله
ألم تعلماني يا والدي بان الله أفضل من الوالدين والناس وكل الدنيا..
وهل رحيلي إلى الله
يجعلك تبكي يا أبي ويجعل أمي يغمى عليها..فوقع كلامها البريء الشفاف
مثل صاعقة أخرى فياسمين ترى في الموت رحلة شيقة فيها لقاء مع الحبيب..
عليك الآن أن تبدأ العلاج..
فقالت: إذا كان لابد لي من الموت فلماذا العلاج والدواء والمصاريف..
نعم يا ياسمين..نحن الأصحاء أيضا سنموت فهل يعني ذلك بان نمتنع عن الأكل والعلاج والسفر والنوم وبناء مستقبل..فلو فعلنا ذلك لتهدمت الحياة ولم يبق على وجه الأرض كائن حي..
الطبيب: تعلمين يا ياسمين بأن في جسد كل إنسان أجهزة وآلات كثيرة هي كلها أمانات من الله أعطانا إياها لنعتني بها..فأنت مثلا..إذا أعطتك صديقتك لعبة.. هل ستقومين بتكسيرها أم ستعتنين بها ؟
ياسمين - بل سأعتني بها وأحافظ عليها..
الطبيب : وكذلك هو الحال لجهازك الهضمي والعصبي والقلب والمعدة والعينين والأذنين ، كلها أجهزة ينبغي عليك الاهتمام بها وصيانتها من التلف.. والأدوية والمواد الكيميائية التي سنقوم بإعطائك إياها إنما لها هدفان..الأول تخفيف آلام المرض والثاني المحافظة قدر الإمكان على أجهزتك الداخلية من التلف حتى عندما تلتقين بربك وخالقك تقولين له لقد حافظت على الأمانات التي جعلتني مسئولة عنها..هأنذه أعيدها لك إلا ما تلف من غير قصد مني..
ياسمين : إذا كان الأمر كذلك..فأنا مستعدة لأخذ العلاج حتى لا أقف أمام الله كوقوفي أمام صديقتي إذا كسرت لعبها وحاجياتها..
مضت الستة اشهر ثقيلة وحزينة بالنسبة كأسرة ستفقد ابنتها المدللة والمحبوبة.. وعكس ذلك كان بالنسبة لابنتي ياسمين فكان كل يوم يمر يزيدها إشراقا وجمالا وقربا من الله تعالى..قامت بحفظ سور من القرآن..وسألناها لماذا تحفظين القرآن ؟
قالت: علمت بان الله يحب القرآن..فأردت أن أقول له يا رب حفظت بعض سور القرآن لأنك تحب من يحفظه..
وكانت كثيرة الصلاة وقوفا.. وأحيانا كثيرة تصلي على سريرها..
فسألتها عن ذلك فقالت: سمعت إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
يقول جعلت قرة عيني في الصلاة) فأحببت أن تكون لي الصلاة قرة عين..
وحان يوم رحيلها..وأشرق بالأنوار وجهها..وامتلأت شفتاها بابتسامة واسعة..وأخذت تقرأ سورة (يس) التي حفظتها وكانت تجد مشقة في قراءتها إلى أن ختمت السورة ثم قرأت سورة الحمد وسورة (قل هو الله أحد) ثم آية الكرسي..ثم قالت:
الحمد لله العظيم الذي علمني القرآن وحفظنيه وقوى جسمي للصلاة وساعدني وأنار حياتي بوالدين مؤمنين مسلمين صابرين ، حمدا كثيرا أبدا..واشكره بأنه لم يجعلني كافرة أو عاصية أو تاركة للصلاة..
ثم قالت: تنح يا والدي قليلا ، فإن سقف الحجرة قد انشق وأرى أناسا مبتسمين لابسين البياض وهم قادمون نحوي ويدعونني لمشاركتهم في التحليق معهم إلى الله تعالى ..
وما لبثت أن أغمضت عينيها وهي مبتسمة ورحلت إلى الله رب العالمين
اللهم ارحم هذه الطفلة الصالحة وارحمنا برحمتك وأحسن خاتمتنا
فهل نحن فعلنا مثل ما فعلت الطفلة وتعلق قلبها بخالقها وفعلت ما يقربها منه
هل نحن كذلك يا اخوتى
هل تركنا الاغانى المحرمة عندما عرفنا انها محرمة
هل ارتدينا الحجاب ؟؟؟؟؟
هل ما تخلينا عن ما يغضب الله
طفلة صغيرة السن شعرت بخالقها وتعلق قلبها به ففعلت ما يقربها منه وفرحت بلقائهه
اللهم انت من احب فأجعلنى ممن تحب .. 


 القصة الثانية

 
مرَّ على زواجهما أكثر من ثلاث سنوات. مثل معظم العلاقات الزوجية ، لم يكن هناك شيء غير عادي بينهما، حب متبادل ، تفاهم على معظم الأمور ، وحياة تسير بشكل طبيعي ، ولا تخلو من بعض المنغصات الطارئة .
في الآونة الأخيرة ، بدأ يعلو لغط وهمس ، حول حياة أحمد وأمل ، ضمن دائرة الاقارب.. إذ لم يرزقا بأطفال إلى الآن.

أمل أكثر قلقا من أحمد ، ليس لأنها أكثر لهفة منه على الأطفال ، بل لأن الضغوط النفسية من الآخرين ، تتوجه إليها أكثر.

من المسئول عن هذا الوضع ؟ لا أحد يعلم ..!

هل المشكلة في أحمد أم أمل ؟ لا أحد يدري .

لكنها طبيعة مجتمعنا، التي دائما تتوجه باللوم للمرأة ، دونما دليل ظاهر.

كثر الكلام : لماذا لا يتزوج أحمد ..؟ هل عليه أن ( يضيع ) شبابه مع هذه المرأة..؟

لم يطرح أحد السؤال الآخر: هل أحمد هو السبب ؟ وهل على أمل أن تبقى معه، و( تضيع ) شبابها..؟

زار أحمد وأمل كثيراً من عيادات العقم والإخصاب، للكشف عن حالة أمل . كل الفحوصات أظهرت أنها سليمة، أو على الأقل ليس هناك سبب ظاهر يمنعها من الحمل والإنجاب.

أحمد لم يكن يعرض نفسه ، وأمل لم تكن تناقشه في هذا الأمر، ولم تفكر حتى أن تسأله سؤالا حول الموضوع نفسه ، أو أن تطلب منه أن يعرض نفسه على الأطباء .. مثلها . أحمد شاب مثقف ومتدين ، ويرفض كثيرا من مسلمات المجتمع الخاطئة . هل هو في هذا الأمر ، يساير أهله ومجتمعه ، في أن الحق على المرأة ، وأن فحولته فوق الشبهات..؟ لم يحدث مرة ، أن دخلا في حوار حول هذه القضية . كثيراً ما يقول ، حينما يثير معه بعض الأقارب الموضوع :

- المقدر كائن ، ونحن نرضى بقضاء ربنا كيفما كان .

في إحدى زياراتها لأهلها ، فاتحتها أمها بالموضوع ، فبينت أمل أن الفحوصات ، لم تظهر لديها أي مشكلة . قالت أمها :

- ألا يكون هو السبب ؟

لم ترد أمل . فقالت الأم :

- هل تحبينه ؟ فأكدت ذلك .

- إذن لماذا لا تطلبين منه أن يفحص نفسه ، ويطلب العلاج؟

- هل تظنيني قادرة على أن أجرحه بهذا العمق ، وهو الذي بكى من أجلي مرة ، حينما جرحت شعوري إحدى أخواته ، في واحد من النقاشات العابرة ؟!

اليوم على الغداء ، قال لها، على غير عادته ، بصوت مشوب بالحزن :

- أمل .. لدى رغبة في أن نسافر معاً..

ولأن الوقت ليس وقت إجازات رسمية ، فقد فاجأها الاقتراح ، لكنها لم تمانع ، خاصة وأنها أحست في سؤاله شيئًا من الرجاء. جهزت أغراضهما، وبعد يومين كانا مسافرين في رحلة ستشمل عدة مدن. كان مخطط الرحلة يتضمن زيارة البيت العتيق، وتأدية مناسك العمرة، والتوجه ، بعد ذلك إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والصلاة في مسجده والسلام عليه .. كآخر محطة قبل العودة إلى مقر إقامتهما.

طوال الرحلة شعرت أنه يحاول إسعادها بأقصى ما يستطيع ، لم يرفض لها طلباً، ومزح معها كثيراً. لم تجد تفسيراً لذلك ، إلا أنه يحاول أن يخفف عنها الضغوط النفسية ، بسبب تأخرهما في الإنجاب. تذكرت كلام إحدى صاحباتها، التي قالت لها يوماً ، حينما جاء ذكر الحمل والإنجاب إنه ـ أي أحمد ـ لا يحسن معاملتها، ويتأدب معها إلا لأنه هو السبب. يومذاك نفت أمل ذلك بشدة ، وقالت : إن الأدب وحسن المعاملة خلق من أخلاقه .

تساءلت في نفسها، وهي ترى لطفه الزائد معها في هذه الرحلة : هل لأنه اكتشف أنه سبب المشكلة ، كما تقول صاحبتها، وهل عليها أن تتدارك شبابها، كما قالت تلك الصاحبة..؟ مع كل هذا المرح، كانت ترى في عينيه كلاما يحاول أن يداريه، ولاحظت أنه يسرح بأفكاره بعض الأحيان، فلا يشعر بها.

كان الجو لطيفاً حينما خرجا إلى المسجد االنبوي لأداء صلاة العشاء، صلى في الصفوف القريبة من صفوف النساء ، في الساحة الامامية للمسجد . لاحظت أنه على غير عادة ، يطيل السجود في صلاتي السنة والوتر، وعندما انتهى من صلاته أطال الدعاء. كان معظـم المصلين قد غادروا .. نهض ، وكانت بانتظاره ، قال لها :

- ما رأيك لو نجلس قليلاً، هناك أمر أريد أن أحدثك به .

تسارعت دقات قلبها، وهي تمسك بيده ، التي شعرت أنها دافئة أكثر من المعتاد .

- أمل .. أنت تعلمين كم أحبك ، لذلك ليس سهلا عليّ أن أقول لك ما سوف أقوله .منذ أكثر من عام يا أمل، وأنا أتردد على المستشفيات، في الداخل والخارج، ولعلك تذكرين أني سافـرت ثلاث مرات إلى الخارج، بحجج مختلفة، كما أني أراجع مستشفيات عدة في الداخل. الحقيقة التي لا فرار منها، هي أنني رجل عقيم يا أمل، والحقيقة الأقسى هي أننا يجب أن نفترق.

شهقت وقالت بصوت موجوع:

- أحمد , أرجوك.. لا تتكلم بمثل هذا الكلام .. لا تتكلم بمثل هذا الكلام.

ثم انفجرت بالبكاء، وحاول أن يسكن من جزعها. حينما هدأت قليلا قال :

- قدرنا يجب أن نسلم به، وأن نواجهه بشجاعة، أنا رجل لا أنجب، وأنت من حقك أن يكون لك أطفال.

قالت بصوت تخنقه العبرات :

- من قال لك إني أريد أطفال ؟ من حدثك بهذا..؟ أنا أريدك أنت، أنا أحبك، ولا يهمني شيء آخر غيرك!!

- هذا صوت العاطفة، لا صوت العقل يا أمل.

- بل هذا صوتي كلي: جوارحي، قلبي، عقلي، روحي، جسدي...

- لن أكون أنانياً يا أمل، أنا أحبك بنفس القدر، لذلك أريد أن أرى لك أطفالا. سنوات يا أمل ثم ندخل خريف العمر. من لك بعد الله لو تركتك وحيدة في ذلك الصقيع، وحال بيني وبينك التراب ؟! لا أستطيع أن أتخيل الزمان يجور عليك وحدك تجترين الذكريات، ثم تقولين: أكان يجب أن أربط مصيري بهذه النهاية؟ أريدك حينما تتذكرينني، في أي مكان أو زمان كنت، تتذكرين رجلا أحب امرأة هي أنت، وأن أتذكر امرأة أحبت رجلا هو أنا، وافترقا على الحب، وضحى كلاهما من أجل الآخر، كأحسن ما تكون التضحية. ضحيّت أنا بقلبي من أجل سعادتك، وخوف شقائك، وضحيّت أنت بقبول عرض قاسٍ مثل هذا، والاستسلام لمستقبل مجهول !!

قالت بصوت باكٍ :

- وغير هذا الكلام ...؟

نظر إليها نظرة كسيرة ولم يردّ.

فعاودت سؤاله مرة أخرى:

- وأنت..؟
- سأجد ما أنشغل به .

- تبقى وحيداً...؟

- ربما أجد امرأة مثلي لا تنجب، أو أرملة تحتاجني ظلا تأوي إليه، هي وصغارها، وأحتاجها شريكة عمر لما بقى من العمر.

عادا إلى الفندق، وكانت ليلة عجيبة، تبادلا فيها الدموع إلى الفجر. في الصباح كانت الطائرة تقلهما عائدين . قالت له :

- كيف أنساك؟

- تعودي أن تتذكري أجمل ما تعرفين عني، لأني سأفعل الشيء نفسه. نحن دائماً في هذه الحياة نحتاج إلى أن نحتفظ في ذاكرتنا بصور جميلة، لأناس ولمواضيع، لنواجه فيها القبح المنتشر في كل مكان. لأنه متى ما حاصرتنا الصور القبيحة، سواء أكانت حسداً، أم حقـدا، أو ظلماً، أو نفاقاً، نهرع إلى الصور الجميلة في ذاكرتنا، لنقاوم بها هذا القبح. ليس هذا فقط ، إنه إن لم يكن لدينا معيارية نحتكم إليها، فستختلط علينا الأمور، فنحسب الوقح جريئاً، والبخيل مقتصداً، والمنافق دبلوماسياً، والأناني ذكيا، والفجور حرية شخصية.

الصور الجميلة التي نحتفظ بها في ذاكرتنا، هي التي تمنحنا المعيارية التي نفضح بها القبح، ونعريه، ونكشف بشاعته. أنت تتربعين في ذاكرتي، صورة في منتهى البهاء، والجمال، للمرأة الوفية، الصابرة، المؤدبة، المضحية، العاملة بصمت. كلما ضيق الزمان على خناقه، وأنا أعلم أنـه لابـد فاعل ، سأهرع إلى هذه الصورة الجميلة، أهرب إليها سويعات، أو ربما لحظات.. أرجو أن أكون لديك كذلك، وإن كنت أتمنى ألا تضطري لمثل هذا.

حينما وصلا، قال لها وهم في الطريق إلى بيت أهلها :

- ليس أصعب علي من أن أقول لك وداعا، والذي يمزق قلبي أني سأودعك بكلمة ليست بغيضة إلى قلبي فقط، بل إلى الله سبحانه.

- ألا تنتظر يوما أو يومين..؟

- الانتظار يزيد عذابي.

عند الباب سلمها مفتاح منزلهما وقال :

- هذا مفتاح البيت، أنا لن أعود إليه، كل ما فيه لك.. وداعاً.. سأظل أذكرك، وأتابع أمرك من بعيد.. سلامي للأهل.. نحن الآن...

وخنقتـه العبرة ولم يكمل ، شد على يدها، ثم استدار منصرفا، فَعَلا نشيجُها، وهي ترمقه، يتجه نحو السيارة . ما هي إلا لحظات حتى كانت هي ، والشارع ، والفضاء ، والوحشة .

وقعت مريضة أياما عدة ، تقلبها آلام الصدمة . أهلها، باستثناء إحدى أخواتها، تعاملوا مع الحدث بكثير من البلادة . رأوا فيه نهاية طبيعية لزواج غير ناجح.

- ما هي معايير النجاح..؟

قالت أختها أسماء، محتجة على موقف بعض أفراد الأسرة، الذين اعتبروا كلام أمل عن الحب والوفاء، نوعا من السذاجة. شقيقها خالد، الذي كان قد هدد زوجته مرة بالطلاق، إن هي لم تنجب له ولداً، حسب المسالة بطريقة مختلفة، قال :

- الحب تستطيعين أن تأخذيه من القصص، والمجلات، أما الأطفال فلا يمكن أن نحصل عليهم من البقالة ، أو الصيدلية .. أنت محظوظة أَن تخلصت منه ، والرجل بدله رجل .

قالت أسمـاء، محاولة أن تخفف من وطأة كلام خالد على نفس أمل المتعبة ، وقلبها الجريح :

- هذا كلام يفتقد لأدنى المشاعر الإنسانية. هل الإنسان مجرد آلة تفريخ، إذا تعطلت، أو لم تنتج النوعية التي نريدها، (وهي هنا تلمزه في موقفه من زوجته)، نقوم برميها واستبدالها بغيرها..؟

مرت شهور، أو ما يقارب السنة، تزوجت بعدها أمل من رجل أرمل لديه ثلاثة أطفال. اختارته من بين عدد ممن تقدموا لخطبتها. لم تستمع لكثير من النصائح، التي اقترحت عليها أن تنتظر أكثر، حتى يتقدم إليها شاب أصغر سناً، وليس معه أطفال، خاصة وأنها ما زالت شابة في عشريناتها. هي تعرف معنى أن تكون "مطلقة" ، في مجتمع استهلاكي، ينظر لكل شيء، من البشر إلى الجماد، نظرة مادية، تقوم على مفهوم (الجدة والاستخدام). أليس خالد أنموذجا صارخا من هذا المجتمع ، الذي تبدو فيه أسماء ، بأخلاقياتها الراقية ، كطير يغرد خارج السرب .؟

 القصة الثالثة


ألطاف الله....كان هذا جواب سؤال وجه لها..
يقول السؤال: لو كانت حياتك قصة ماذا سيكون عنوانها؟
 وفي الحقيقة القصة لا تبدأ من هنا... إنما قبل 17عاما...لما قرر أهلها الانتقال من الرياض إلى إحدى محافظات المملكة من أجل إجراءات الحصول على الجنسية السعودية، كانت في الصف الثاني ثانوي علمي...وبقي شهر على الاختبارات النهائية...تغير كل شيء..المكان والناس والبيت والمدرسة..لكن لم يكن ذلك يشغلها كثيرا..كانت غافلة عن أي شيء سوى دراستها ويومها الذي تعيشه.

((وهذا من لطف الله بها))

لم تكن تخطط لشيء أو تطمح لشيء أو حتى تبدي رأيها في شيء.
هكذا تربت !!
بسيطة..بريئة..تحافظ على صلاتها .. تحفظ جزئين أو ثلاثة من كتاب ربها .. ويتوقف تفكيرها إلى هذا الحد!!
 تخرجت من الثانوية وقد بدأت تتكيف مع المكان الجديد..وبدأت تتكيف مع كونها متخرجة من الثانوية بلاشهادة ((وهذا من لطف الله بها))
كانت الإجراءات تمنع حصولها على الشهادة إلا وفق معايير ربما كانت سهلة لكن والداها رفضا ، ورضخت لأنها لا تملك أن تتحاور معهما أو أن تفكر في النقاش على أقل تقدير..!!
 ومضت الأيام الأولى من الإجازة وهي لاتدري ماذا ستفعل في الأيام المقبلة..
كانت تظن ببساطة تفكيرها أنها كحال قريباتها.. أيام وتتزوج .. ولن تحتاج للشهادة !!
ملت من المكث في المنزل، وهي تنتظر نصيبها ..
فقررت أن تفاتح أهلها في تعلم هوايتها المفضلة " الخياطة " كسرا للملل ، لكن والدها أمرها أن تُقدّم على وظيفة ..
رضخت لأنها لاتملك الرفض..
 وقدمت مكرهة ..
والعجيب أنها كانت من السبعة المرشحات للوظيفة فانتظرت القبول وعليه فلم تذهب لدورة الخياطة التي تمنتها (( وهذا من لطف الله بها))
كانت تنتظر الإعلان عن أسماء المرشحات نهائيا للوظيفة التي تقدمت لها ..
وبعد طول انتظار .. أعلنت الأسماء ..
أخذت تقلب النظر في الأسماء لعلها تجد اسمها .. لكن للأسف لم تجده !
ذهبت مسرعة لتلحق بركب دورة الخياطة التي أحبتها .. لكن !!
المقاعد نفدت ، وقطعوا شوطا في الدورة..
 فلا هي من تعلم هوايتها الخياطة ولا من الوظيفة !

((وهذا من لطف الله بها))

لكم أن تتصور حال تلك المسكينة ، فلا زوج ، ولا وظيفة ، ولا دراسة !!
هل تعود لشبح الملل ، وترتمي في أحضان الفراغ دون عمل يفيدها في الدنيا والآخرة ؟!
رأت أمها حزنها الدفين في عينيها فأشارت عليها أن تتوجه للتحفيظ تتسلى به، ريثما يأتي نصيبها.

((وهذا من لطف الله بها))

لم تجد بدا من اللحاق بإحدى دور تحفيظ القرآن هروبا من جاثوم الملل !!
كانت تحمل بين دفتي صدرها قلبا يحب الخير وأهله ، لكنها لم تكُ تتخيل في يوم ما أن تكون حافظة لكتاب الله !!


رحلتها مع القرآن :


توجهت للتحفيظ القريب من منزلها وهدفها كسر مللها بحفظ بعض الأجزاء التي تعمر بها وقتها..
لم تطمح للمعالي ، بل لم تكُ تسمح لنفسها أن تسترسل مع الأحلام والأمنيات إذ تراها أشبه بالمستحيل..!!!

دخلت الدار وهي تحفظ الجزء الأول من البقرة،وجزئي عم وتبارك..
وراجعتهما قبل التسجيل فهما ثابتان تماما وخاصة أنها كانت تحرص أن تقرأ بحفظها في الصلوات..
 أول يوم لها بالدار لا تعرف كيف يسير نظام الحلقة رغم بساطتهم إلا أنها كانت أبسط..
ودار بداخل الحلقة نقاش حول النصاب من البقرة أم من المجادلة ..
ولا أحد يعلم أنها تحفظ الجزء الأول .. ولم تعلم هي بتدبير الله لها ولطفه بها..
ودار نقاش بالنسبة لها كان طويلا..
ولم تنتبه على أي شيء اتفقوا بالنهاية؟
كانت خيرة الله لها أنها لم تنتبه !
سأخبركم لم ؟
ليتنا نوقن أن الله السلام ..عطاؤه سالم من النقص وتدبيره سالم من الخلل .. عادت إلى منزلها وهي تظن أن اتفاقهم كان على سورة المجادلة ..
بقيت تكرر طوال اليوم {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها...}.
 في اليوم الثاني وهي بداخل الحلقة وقد أغلقت المصاحف..
فوجئت بأن النصاب المتفق عليه من البقرة....
لم تبد أي اعتراض..فهي تحفظ الجزء الأول...فقرأت كبقية صويحباتها ...وعادت إلى البيت ليلهمها الله أن تحدث نفسها بإكمال حفظها ريثما يصلون للجزء الثاني من البقرة ..

((وهذا من لطف الله بها))

ومضت بعون من الله تحفظ الوجه والوجهين من جزء المجادلة وتراجع وجه من البقرة نصاب الحلقة ..وما انتهت الدورة إلا وقد أنهت البقرة مع الحلقة..وأنهت جزئي.. المجادلة والذاريات مع نفسها!!
وحتى هذا الفترة لم تحدث نفسها بختم كتاب الله..
 سارت الأيام على هذه الحال..
 وفي إحدى الأيام احتاجت الدار التي تدرس بها إلى معلمات ، فأعلنوا بين طالبتهم عن وظائف شاغرة لمن تجتاز الاختبار.
عزمت أن تدخل الاختبار .. استعانت بالله .. وهيأت نفسها .. أخبرت والديها ليدعو لها ..

من الغد ذهبت للدار ، وهي متهيئة للاختبار ..ومن حسن تدبير الله لها أنها لما دخلت الدار وجدت إحدى زميلاتها- الحافظة لأكثر من نصف القرآن – تراجع بعيدا عن مكان الاختبار ((لا تزال صورتها أمامها حتى اللحظة))، فسألتها ألن تدخلي معنا اختبار الوظيفة ؟!
أجابتها : لا، ولن أدخل إلا إذا ختمت إن شاء الله !
 ختمت !
ختمت !
ختمت !
صدى تلك الكلمة أيقضها من نومها !
 ودلها على الطريق بعد أن كانت تسير تائهة !
تساءلت بنفسها لم لا يكون لدي ذات الهم ..عفوا بل ذات الحلم ؟!
لم لا أختم أنا أيضا ؟!
ما الذي يحول بيني وبين هذا الهدف العظيم ؟!
قطع تفكيرها صوت المعلمة التي تناديها لتدخل للاختبار !
دخلت الاختبار وبفضل الله اجتازت إلا أن لطف الله لازال يحوطها إذ لم تعين حينها..
 وظلت تحفظ في الحلقة من الأجزاء الأولى من القرآن..
 وتحفظ لوحدها الأجزاء الأخيرة حتى التقى حفظها الأجزاء الأولى بالأجزاء الأخيرة وختمت كتاب الله حفظا !!
بعدها عُينت معلمة لكتاب الله بالدار..
 وهي التي لم تكُ تفكر بالختم ، فضلا عن أن تجمع الأمرين فتطمح لنيل الخيرية ((خيركم من تعلم القران وعلمه)) .. وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء من عباده .

من جميل لطف الله بها أنها في نفس العام الذي ختمت فيه كتاب ربها ،  افتتح معهدا صباحيا للعلوم الشرعية ، فسارعت للحاق به ، ليكون زادا لها لأيامها القادمة .


وكل هذا وهي لا تعلم ماذا خبأ الله لها من العطايا في غيبه !


في إحدى الأيام وهي تستمع لمحاضرة أثناء عملها بالمطبخ ، وبعد انتهاء المحاضرة، بقي من الشريط متسع فأكملوه بتلاوة من كتاب الله ، لكنها لم تكن برواية حفص عن عاصم..
فلما سمعت الإمالة ظنت أن القارئ يلحن في كتاب الله .. فاشمأرت نفسها وأغلقت الجهاز!!

((وهذا من لطف الله بها))

 تمضي الأيام لتأتي لها صديقتها بأشرطة بحاجة إلى تفريغ ، فوافقت بكل سرور .. وتقاسموا الأشرطة بينهما .

..
تأملوا كيف يربي الله عبادة حتى يوصلهم لليقين بالأقدار التي يجريها عليهم ، وبقدر إيمانهم تكون التربية..وكلما زاد الإنسان علما كلما فهم تفسير أفعال الله.

تأملوا كيف أن الله حبب إليها السماع ، ثم ساق لها سماع تلك القراءة التي كانت تظن أنها ملحونة ،ثم قاد لها صديقتها لتختارها من بين الجميع لتساعدها في تفريغ الأشرطة ..

ستعجبون من تدبير الله وحكمته إن علمتم عن محتوى تلك الأشرطة ..


 أفعال ربنا لا تصدر عن عبث بل عن كمال حكمة وتمام علم .


 كان محتواها شرحا لأبيات الشاطبي في القراءات لأحد دكاترة الجامعة !!


ومن تدبير الله اللطيف
أن نصيبها من أوائل الألبوم.. إذ لو كان من وسطه لربما ما فهمت!

فرغت الشريط الأول..ثم الثاني وهكذا.. لما انتهت شعرت أن الذي كتبته كان غير واضح وبلا ترتيب نظرا لأنها كانت تكتب سريعا مع الشيخ مباشرة..
فقررت أن تعيد كتابة الدفتر بترتيب وتنسيق ..
وهكذا ثبتت الأبيات الأولى وفهمتها وعرفت سر تلك التلاوة التي اشمأزت من سماعها !!
بل فوق ذلك أعجبها هذا العلم وتاقت نفسها ولشدة توقها سمحت لها أن تتخيل أنها تعلمته...وثمة ضحكة ساخرة بأعماقها فأنى لها ولم تحصل على شهادتها وهي أعرف بنفسها وظروفها...لكن لامانع من بعض الأماني..


ولم تدري أن الله المولى الحكيم يدبر أمرها!! 


 خلال هذه الأعوام..كانت نظرة الناس حولها نظرة إشفاق..

فهي بعينهم تعيش حياة قاسية وقد حرمت من أمور عدة ، إضافة إلى ظروف معينة..

في الحقيقة هم المساكين
حين ينظرون للأمر من هذه الزوايا الضيقة ولنا رب كريم يدبرنا بل ويلطف سبحانه ولعل من لطفه أنها لم تكترث أو بالأصح لم تقتنع بمايقولون..
فهي ترى أنها في نعمة وأنهم يبالغون ولايتصفون بالقناعة!!!


 عام 1423..يقدر الله بلطفه قدرا يعيدهم للرياض وسكناها وكأنها مرحلة جديدة من حياتها..لاتخلو من
ألطاف يسوقها اللطيف سوقا
عادت للرياض ولا تخطيط ثم..
  بدأت تفكر بشهادتها الثانوية ، أخبرت أهلها لم يتفاعلوا بقوة..
وهي لم تصر فلازالت ترى أن الجامعة حلما مستحيلا وخاصة أنه قد مضى على تخرجها من  الثانوية 7 سنوات..ولم يفتح نظام التعليم عن بعد.
 {شهد الله أنه لا إله إلا هو} وقد أشهد عباده على وحدانيته ..

لكن أين البصير الذي يفقه أفعال الله ويتأمل في الأقدار التي تجري عليه..

ألا ترى أنك تحدث نفسك بأمنية فتفاجأ بتحققها وأنت لم تطلبها ؟
فكيف لو طلبتها ؟
من علمها ؟
من دبرها ؟
من ساقها إليك ؟
تمنت قبل سنين عدة أن تدرس في مكان ما ثم نسيت أمنيتها تلك {وماكان ربك نسيا} وبمجرد عودتها للرياض يساق لها المكان ولم تذهب إليه لتذكر تلك الأمنية -أشهد أن لا إله إلا الله-!

عملت معلمة بإحدى دور التحفيظ مساء..أما صباحا فكانت طالبة في دار.. مر يوما أمامها إعلان لمعهد معلمات القرآن ..تاقت نفسها للدراسة في هذا المكان واتفقت مع مجموعة من الأخوات وذهبوا عددهم قرابة العشر.. لم يقبل منهن سواها!! بالرغم من أن ملفها يخلو من شهادة الثانوية وهذا خارق لشروط القبول في المعاهد !!


لكن الله إذا قدر رزقا لعبده ذلل له كل الصعاب ..


 بدأت الدراسة في المعهد ومضت الأسابيع الأولى .. وخلالها انتقلت طالبة سأرمز لها بـ (م) من فرع الشمال إلى فرع الربوة وانضمت لفصلها..لم يكن هذا الأمر ذي بال ولا يعدو كونه انتقال طالبة لا تعرفها وهي أصلا لا تعرف من بالفصل فالأمر سيان بالنسبة لها- لكن راقها اسم صاحبتها الجديدة !

وفي الحقيقة هو لطف الله بها وسيظهر لكم ذلك!

حقبة من الزمن تلك التي عاشتها في المعهد جميلة مفعمة بالفائدة يزيدها رونقا الأخوة التي كانت تربطهم..
بعد عام جاءها خبر من الإدارة أنها لن تنال سجلها الأكاديمي حتى تحضر شهادة الثانوية التي بها درجاتها..
صمتت على مضض ولاشيء بيديها..

وكل الطرق للوصول إلى شهادتها مغلقة إلا طريق الكريم فبابه مفتوح .


رُشحت بعدها لتكون ممن يحصل على الإجازة..يالله إنه الحلم الذي لم تسترسل فيه حين فرغت أشرطة القراءات..هاهو يتحقق دون أن تطلبه ولم تسع إليه ولكنه تدبير اللطيف المولى!
ومضى العام الذي يليه وتخرجوا من المعهد ولم تسلم الدفعة كلها سجلها الأكاديمي وتأجل حفلهم وبقيت روعة الذكرى وتواصل متباعد بينهم فكل انشغل بحياته .
وواصلت مسيرتها طالبة الصباح، معلمة المساء، ولم تخل هذه السنوات من تدابير لطيفة تساق إليها..

بعد خمسة أعوام تقدمت للدراسة في معهد شرعي آخر لكن زادت رغبتها في إحضار شهادتها وبدأت بتكثيف الدعوات،وبدأت رحلة المحاولات..التي لم تخل من أمور لم تجدلها تفسيرا سوى لله حكمة خفيت على عقلها!

قبلت في المعهد .. وللمرة الثانية أمر الله وحكمته فوق شروط المعاهد التي تتطلب شهادة في ملف المتقدمة !

بدأت الدراسة وبنهاية العام الأول تبلغها الإدارة أنها لن تتسلم شهادة المستوى ولن تراها إلا بإحضار شهادة الثانوية!!
بدأت محاولاتها الجادة للحصول على شهادتها .. اتصلت على إحدى الأخوات وسألتها إن كانت تعرف أحدا يسكن في تلك المحافظة التي درست فيها الثانوية ليحضر لها  شهادتها
قالت لها : نعم أختاي (الكبرى والصغرى) يسكنون هناك و أختي الكبرى قريبة من المقر سأكلمها..
وتراخت عن المتابعة الأمر وكان أن لم تهتم القريبة من المكان بالموضوع ولعلها لم تحاول...العجيب أن زوج الأخت الصغرى لاحظ عدم اكتراثها بالأمر فأخبر زوجته انه مستعد لانجاز المهمة!!
سبحان الله لقد كانت تعلق آمالها على الكبرى فسيق إليها زوج الصغرى
وذهبت مع زوجها من الصباح الباكر وأخذوا يبحثون عن المكان وطال البحث حتى التقوا برجل...لا أدري أين التقوا به عند الإشارة ؟
أو اصطدموا به ؟
أو استوقفوه ليسألوه ؟
كل الذي أدريه أن الله ساقه إليهم سوقا فأخبرهم أنه يبحث عن ذات المكان الذي يبحثون عنه وقال لهم اتبعوني !!
وجدوا المكان بفضل الله وصعدت تلك الأخت الفاضلة للأعلى وقابلت المسؤولة وطلبت الشهادة وحين اقتربت من يدها تلك الورقة سألتها الموظفة المسؤولة عن شيء في الشهادة
وأخطأت الأخت في الإجابة فترددت المسؤولة في تسليمها الشهادة خاصة أنها ليست هي صاحبتها إنما هي نائبة عنها وخشيت من المسائلة.
 حينها اتصلت على صاحبتنا لتتأكد منها وريثما تقنع صاحبتنا المسؤولة أن هذه الأخت من طرفها وترجوها تسليم الشهادة..كان زوج الأخت الصغرى قد مل الانتظار وطلب منها الخروج فورا على أن تعود مرة ثانية خاصة أنهم قد عرفوا المكان!!

((وهذا من لطف الله بها))


كم مرة يقترب الفرج فنظن أننا مدركوه لا محالة ثم يبعده الله عنا لأننا لازلنا بحاجة لتمحيص، أو لم ننجح بعد في هذا الابتلاء ، أو لازالت قلوبنا معلقة بالبشر في تفريج هذا الكرب ، ولم تتطهر تطهرا كاملا من التعلق بالأسباب ولم يتجرد القلب لمسبب الأسباب سبحانه ، أو ربما تأخر الفرج ليستخرج الله منا عبوديته أو ليعرفنا على كمال فضله وبره أو لأي حكمة يعلمها الحكيم الخبير


مرت الأيام وحملت الأخت الصغرى وتثاقلت عن الذهاب لإحضار الشهادة ..

أخذت صاحبة الشهادة تبحث عن شخص آخر ، ولولا أنها تحضر دروس شرح أسماء الله و توقن أن الله حكيم وما تأخرت شهادتها رغم هذا لاقتراب الشديد إلا أن الخيرة لها ألا تصلها الآن لولا ذلك لربما فقدت عقلها.

  

رسالة أمل لمن أذنب وأسرف على نفسه
(قصة قصيرة)

بسم الله الرحمن الرحيم

رأيته حزين في ركن من أركان حجرته وسمعته يقول في حسرة :

آه من ذنوبي .. آه من آثامي ... آه من سقطاتي .. لقد أثقلت كاهلي ودفعتني إلى الهاوية فلا أستطيع العودة فقد تدحرجت وتقلبت فيها ولا أستطيع النهوض ... فكلما أبصرت الحقيقة والطريق الصحيح المستقيم لأنهض وأقوم من هذه الهاوية شدتني آثامي وذنوبي وسقطاتي وقالت لي هيهات ... هيهات من عمل الخيرات ... هيهات ... هيهات من العودة والأوبة وقالت لي لن تستطيع أن تتسلق جبال المعاصي التي اقترفتها والوصول لنهايتها لتفر منها.

وقلت لنفسي لا أستطيع أن أفر من ذنوبي وأتنفس الهواء النقي الخالي من القاذورات والدخان والضباب الأسود لأبصر السماء الصافية واستنشق الهواء العليل وأستريح قليلا من عناء الذل للمعاصي والذنوب والآثام.

فقلت له : تستطيع ... تستطيع.
فتنبه إلي وقال : من أنت ومن أين أتيت ... إنني أحاور وأكلم نفسي الخاطئة.
فقلت له ولكنني أنا نفسك الصالحة وتستطيع أن تكون من أولياء الله الصالحين وليس فقط من التائبين .
قال لي : وكيف ذلك وما الدليل ؟
قلت له : يقول الله تعالى في كتابه الكريم :
{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }الزمر53
قال لي : ولكنني سويت الأهوال وعملت ما لم يعمله بشر ولا شيطان وكنت ضيفا دائما على كل معصية ... فتجدني في كل ذنب ركناً أساسياً ... فحدث ولا حرج ... ففي عقوق الوالدين أستاذ ومع أسرتي ديوث وفي الزنا رئيس قسم وفي الخيانة متمرس وفي الحسد والحقد قلبي أسود وفي السرقة زي ما بيقولوا (إيدي تتلف في حرير) , وفي القتل كانوا يستعينون بي كقاتل محترف , وفي شرب الخمر كنت أقضي ليلتي كل يوم أعاقر الخمر حتى أكون سكران طينة كما يقولون وفي تجارة المخدرات والهيروين والحشيش فأنا زعيم عصابة ...وفي .. وفي .. وفي ... لا أستطيع أن أسرد عليك أفعالي الشنيعة القبيحة المنتنة ... لقد مللت من القذارة .
فقلت له : هذه بداية مشجعة وبداية لأن تتطهر من بلاويك الكثيرة المتلتلة كما يقولون , فقولك أنك مللت من هذه القذارة هو مربط الفرس لأن تعرف الطريق الصحيح لحياتك.
قال لي : لالالالالا إنك تهزأ بي ...
هل وعيت ما قلته لك وسردته لك وأفصحت عنه لك ... ثم تقول لي هذه بداية الطريق ... لا أنا طريقي معروف .. ولا أستطيع الإفلات والحيد عنه.
قلت له : هذه البداية الصحيحة لك ودليلي هذه الآية القرآنية التي سأعيدها عليك مرة أخرى لعلك لا تعي الخير الكثير الموجود فيها لكل عاصي ولكل فاجر ولكل فاسد .... ولكنني أولاً أسألك سؤالا واحدا .
فقال لي : وماهو؟
قلت له: هل تؤمن بأن لا إله إلا الله وأن محمداً صلى الله عليه وسلم رسوله ونبيه .
فقال لي : نعم إنني مسلم ولكنني لا أعمل بما في هذه الكلمة وبما جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأعمل عكس كل ما قاله وعكس كل ما نصح به وعكس كل صحيح ولكنني لا أشرك به أحدا ولا أقول كما يقول النصارى أو أقول كما يقول اليهود أو الهندوس أو كل ملة ودين يضع مع الله تعالى ندا له وشريكاً له يعبده معه تعالي.

فقلت له يقول الله تعالى:
إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً{48}النساء
أي إن الله تعالى لا يغفر ولا يتجاوز عمَّن أشرك به أحدًا من مخلوقاته, أو كفر بأي نوع من أنواع الكفر الأكبر, ويتجاوز ويعفو عمَّا دون الشرك من الذنوب, لمن يشاء من عباده, ومن يشرك بالله غيره فقد اختلق ذنبًا عظيمًا.

وسأعيد عليك ما قاله الله تعالى لمن كان مثلك .. يقول تعالى:
{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }الزمر53
أي قل -أيها الرسول- لعبادي الذين تمادَوا في المعاصي, وأسرفوا على أنفسهم بإتيان ما تدعوهم إليه نفوسهم من الذنوب: لا تَيْئسوا من رحمة الله؛ لكثرة ذنوبكم, إن الله يغفر الذنوب جميعًا لمن تاب منها ورجع عنها مهما كانت, إنه هو الغفور لذنوب التائبين من عباده, الرحيم بهم.

وهذا ما قاله الله تعالى أفلا تثق في الله تعالى ؟
قال لي : نعم أثق ولكنني مجرم وآثم ولا أستطيع أن أكون نظيفاً طاهراً.
قلت له: قال الله تعالى في الحديث القدسي : (يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي يا ابن آدم لو أنك أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة ). ‌
فقال لي : الله أكبر ولله الحمد.
فقلت له : وسأزيدك خيراً , فلك في قصة إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه الدليل ... فعمر بن الخطاب عمل جميع الذنوب ومنها الزنا وشرب الخمر ووأد البنات وكثير من الآثام مثل ما عملت وأكثر ... ولكن عندما أذن الله له بالإسلام وبتوحيده تعالى كان كيوم ولدته أمه ... أي بلا خطايا ولا ذنوب... وعندما سمع الآية الكريمة :
{إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }الفرقان70
فقال عمر بن الخطاب لمن حوله .. إنني الآن أكثركم حسنات فقد كنت أكثركم سيئات ولكن الله تعالى قال عني :
(فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ) فأنا الآن أكثركم حسنات.
فتهلل وجهه وقال : يعني تقصد إنني عندما أتوب إلى الله تعالى فإن جميع ذنوبي وآثامي وسقطاتي و البلاوي التي اقترفتها تتحول من ذنوب إلى حسنات و من شر
إلى خير ومن آثام وظلام إلى أنوار .
قلت له : نعم .. ألا تؤمن بالقرآن الكريم ؟
فقال : الله أكبر ولله الحمد ... بذلك سأكون أكثركم حسنات وأكثركم خيرات فأنا كما رويت لك حالي وآثامي وسقطاتي وذنوبي التي أثقلت كاهلي كثيرة كثيرة كثيرة .
فقلت له : ولكي توقن وتزداد أمل في الله تعالى أسرد لك هذا الحديث .
فقال لي : زدني خيراً يا صاحب الخير والجود والأمل في الله تعالى.
فقلت له : إن رجلا قتل تسعة وتسعين نفسا ثم عرضت له التوبة فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على راهب فأتاه فقال إنه قتل تسعة وتسعين نفسا فهل له من توبة فقال لا فقتله فكمل به مائة ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل عالم فقال إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة قال نعم ومن يحول بينه وبين التوبة انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فقالت ملائكة الرحمة جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله تعالى وقالت ملائكة العذاب إنه لم يعمل خيرا قط فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم فقال قيسوا بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى فهو لها فقاسوا فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد فقبضته ملائكة الرحمة. (صححه الألباني)
فقال لي : ولكنني لم أقتل هذا العدد الكبير ولم أصل إلى شنيع فعل هذا الرجل ... الله الله على رحمة الله تعالى بعباده ... لقد زرعت في قلبي الأمل للتوبة والإنابة لله تعالى .
فقلت يقول الله تعالى:
إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً{17} وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً{18}النساء
فهذه فرصتك للتوبة وأنت حي ترزق ولم يحضرك ملك الموت ولم تكن في غرغرتها.
فقال لي : نعم ... نعم هذه فرصتي الآن للتوبة والأوبة لله تعالى .... ولكن ولكن !!!
قلت له : ولكن ماذا !؟
قال : ولكن أخاف أن أضعف أمام نفسي الخبيثة وأعود إلى ما كنت عليه من فسق وذنب وإثم .
قلت له : أقدم على التوبة ولا تفزع من الرجوع للرزيلة والذنوب ....ابدأ والله سيعينك على السير في طريق الاستقامة.
فقال : أخاف من أن أرتد , فنفسي ضعيفة وأنا أعرفها .
قلت له : حتى لو كانت نفسك واهية وضعيفة ورجعت لبعض معاصيك فباب التوبة مفتوح وليس عليه بواب ولك أن ترجع وتؤوب لرشدك مرة ومرات عديدة مالم تغرغر , ولكن هل تأمن الموت ؟
فقال لي : ومن يأمنه ؟؟؟
فالموت ليس له صاحب , فإذا جاء انتهى كل شيء .
و ليس له مكان , فالعالم كله بأسره مكانه .
ولا تستطيع الهروب منه أو الاختباء ولو كنت في بروج مشيدة.
وليس له زمان , فهو يعمل طوال اليوم على مدار العام .
ولا ينتظر أحد ولكن الكل ينتظره.
وهادم الآمال والطموحات والأحلام .
وقبله شيء وبعده شيء آخر .
فهو نهاية المرحلة الأولى للإنسان وبداية الحياة السرمدية له إما جنة ونعيم وإما نار وجحيم.
فقلت : بسم الله ماشاء الله والله أكبر... هذا ليس كلام مذنب ولكنه كلام تائب منيب لله تعالى .
فقال : نعم ... هذا ما أشعر وأحس به .. اللهم إني تبت إليك وأنبت إليك وعزمت ألا أرجع إلى معصيتك ,أعوذ بك من شر ما صنعت , أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فأغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.

ولكني أخاف من عاقبتي ونهايتي !!!

فقلت له : نحن جميعا نخاف من سوء الخاتمة .. وحتى أبو بكر الصديق رضي الله عنه كان يقول: لو أن لي قدم في الجنه وقدم خارجها ما أمنت مكر الله فأين نحن من الصديق رضي الله عنه ؟
فيا أخي العاصي المذنب جدد توبتك لله تعالى فإن الإنسان خطاء وخير الخطائين التوابون المجددون استغفارهم وتوبتهم لله تعالى , فالشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم , فمن أخطأ فيجب عليه أن يبادر بالتوبة لله تعالى وإن أخطأ ثانية فيتوب وإن أخطا ثالثة فيتوب , يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
(والذي نفسي بيده _ أو قال والذي نفس محمد بيده _ لو أخطأتم حتى تملأ خطاياكم ما بين السماء والأرض ثم استغفرتم الله عز وجل لغفر لكم والذي نفس محمد بيده _ أو قال والذي نفسي بيده _ لو لم تخطئوا لجاء الله عز وجل بقوم يخطئون ثم يستغفرون الله فيغفر لهم - صححه الألباني) .

ولكن يا أخي لا تتمهل في توبتك وتسوف فيها وتقول سوف أتوب غدا ... فإنك لا تعلم متى ستموت , فإن أحسن الله خاتمتك فسيدخلك الجنة إن شاء تعالى , ولكن إن كانت خاتمتك غير ذلك فندعو الله لنا ولكم العفو والعافية .

يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( إن العبد ليعمل فيما يرى الناس بعمل أهل الجنة وإنه من أهل النار وإنه ليعمل فيما يرى الناس بعمل أهل النار وإنه من أهل الجنة وإنما الأعمال بالخواتيم ).
يقول الله تعالى:(ثم تاب عليهم ليتوبوا) التوبة118

فاللهم يارب ياكريم يا ذا الفضل والإحسان تب علينا جميعاً لنتوب و أحسن خاتمتنا جميعاً وخاتمة المسلمين أجمعين وتوفنا وأنت راض عنّا .

آمين ... آمين يارب العالمين.


ابنتي وبر أمي وأبي

بسم الله الرحمن الرحيم

أكتب هذه القصة التي عشتها مع ابنتي الصغيرة رعاها الله ويعلم ربي كم تأثرت بها واستفدت منها في حياتي بفضل ربي.

سكنت عند والدي في عمارة واحدة ثم يسر الله لي وتزوجت ورزقت بطفلة بحمد الله وكنت دائماً بفضل الله معتاد من قبل أن أتزوج يومياً بعد الفجر أزورهم وأسلم عليهم وأقبل رأسهم وأيديهم، وأقرأ لوالدتي ما تيسر من القرآن أطال الله في عمرها على الطاعة.

بعد مرور سنوات كان عمر طفلتي تقريباً سنتين وستة أشهر، وذات يوم تناولت وجبة الغداء في منزلي فاسترحت قليلاً وإذا با ابنتي الصغيرة تمشي وتقف عند قدمي وتمسكها وتقبلها والله لم أقل لها أفعلي كذا ولا والدتها.

وواصلت على هذا البر فلاحظت أن ابنتي تزداد حباً لي وعند خروجي من المنزل تقول: بابا.. وتأخذ بيدي وتقبلها وتقول: أنا أحبك يا بابا.

عرفت أن هذا الفعل توفيق من ربي ثم بدعاء والدي..

يا الله! من الذي حرك هذه الطفلة إلى هذا البر، ومن الذي أنطقها بهذه الكلمات الحنونة إلي.. نعم إنه الله جل في علاه الذي أوصانا بهذا البر.

وهذا الباب العظيم الذي هو من أبواب الجنة الثمانية قال الله تعالى في حق الوالدين في القرآن الكريم :

قول الله تعالى: (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) [النساء: 36].

وقوله سبحانه: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً) [العنكبوت: 8].

وقوله جلَّ وعلا: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) [لقمان: 14].

وقوله تعالى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: 23-24].

وما أجمل يا أخي الغالي أن يكون الله عز وجل راض عنك في حسن برك بوالديك كما جاء في الحديث عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: ( رضا الرب في رضا الوالدين، وسخط الرب في سخط الوالدين ). رواه الترمذي.

أقسم بالله العظيم أنني وجدت ثمرة هذا العمل في حياتي العلمية والعملية والدينية والدنيوية وهذا كله من فضل الله عز وجل.

الفوائد من هذه القصة :

- بر الوالدين طريقك إلى السعادة والتوفيق في الدنيا والآخرة .

- يكفيك شرفاً أن الله عز وجل راض عنك برضا والديك عنك .

- في الجنة باب اسمه باب الوالد خاص للذين يبرون والديهم .

- إنها العبادة الوحيدة التي اقترنها الله سبحانه وتعالى بعبادته .

- الجزاء من جنس العمل، وكما قيل: بروا آباءكم تبركم أبناؤكم .


العجوز الفائز بظل العرش بإذن الله


بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين اما بعد ..
أحبتي في الله كثيرة هي القصص التي تتلهف لها القلوب فتكون نسائما ماتفتأ عن روائع الهبوب وقد حمل كتاب ربنا جل وعلا من القصص الكثير والكثير قصص الأنبياء وقصص الأمم السابقة صالحين وجبابرة هالكين لتكون قصصهم عبرة وتذكرة للمؤمنين .
وفي حاضرنا نتوق إلى القصص المفيدة فنسارع إلى الأجداد لنسمع منهم أجمل القصص بأسلوب رائع أخاذ وما أكثر ما استغل أعداء الدين هذا الفن فأنتجوا الأفلام وسطروا الرذائل بالأقلام فيأسروا قلوب الشباب والفتيات فيخدعوا بتلك المسلسلات والأفلام الهابطة والقصص التي تنسج السعادة الزائفة ...
قصتي هذه المرة ليست من نسج الخيال وليست من كتاب منقولة او مسموعة بل انها قصة من الواقع عايشتها ورأيت بطلها كتبتها بعد ان أذنت لي ابنة ذلك البطل وطلبتها ان اسطر انا على لسانها هذه القصة تتكلم عنه وانا أصوغ العبارات والجمل علي أوفق في كتابتها فالله ادعوه ان تنال استحسانكم ...
( رايته واراه كل يوم يتراقص قلبي فرحا وفي نفس الوقت يمتزق الما ليس عليه لا والله فما لمثله الالم او الحزن وانما لغيره وستعرفون لماذا وسأبدأ بسرد القصة ....
رجل عمره اليوم يزيد عن التسعين هذا الرجل أراد الله عز وجل ان يمد في عمره ليزيد من نور وجهه وصالح عمله ما أسرع تلك السنين التي مضت وما أجملها يوم ان تمضي في طاعة الرحمن ما أجملها يوم ان تذهب وهي مليئة بصيام وصلاة وعبادة للمنان .... نعم ان هذا الرجل احسبه والله حسيبه أفنى أجمل أيام شبابه في المسجد مع صلاة الجماعة ولعلي لن أكون مبالغه ان قلت انه فاز بظل العرش باذن الله اسال الله له ذلك اوليس نبينا الكريم عليه أتم الصلاة وأزكى التسليم قال (سبعة يظلهم الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل الا ظله وذكر منها رجل قلبه معلق بالمساجد ) كنت اقرا واحفظ هذا الحديث واقول في نفسي معقول يكون تعلق بهذه الدرجة ؟؟ حتى رأيت بنفسي حال هذا الرجل كنت طفلة العب معه وامرح فكم كان وما يزال ابا حنونا عطوفا اراه ينهض من نومه العميق لذهب مسرعا يلبي النداء للصلاة لا ينظر إلي وانا أحب اليه ولا يعبا بي ولا لندائي له لان هناك نداء اعظم واجل نداء خالق الاكوان جل وعلا ويعلو الاذان وما ان ينتهي حتى اجده ذهب ويعود بابتسامه مشرقه ياخذني بين ذراعيه ويلاعبني قائما بشؤون اسرته مراعيا لرعيته اذهب معه للنزهه وأول ما يبحث عنه في المكان المسجد مستحيل ان يجلسنا في مكان بعيد عن المسجد او ليس به مسجد كثيرا ما كنت اتشاجر معه فهو ابي واخي كنت اغضب لاني اريد مكانا به الالعاب وهو يرفض بشده لان ليس به مسجد وكانه يقول لي بنيتي لن اقبل مساومة على صلاة الجماعة مهما كان حبي لك .... نجلس ويمر بنا الوقت واسمع الأذان واذا بي اركب السيارة وانا لم اخذ كفايتي بعد من جمال المكان فنذهب ونصلي ثم نعود وكأني ارى المكان غير المكان كاني اراه أجمل وأروع مما كان ...وما اكثر من يضيعون الصلاة ويتهاونون بها لاجل الاستمتاع في النزهات الا من رحم الله كم كنت افتخر به في طفولتي فانا ابنة الامام الجميع ممن يعرفوننا ينظرون لي بنظرات التقدير والاحترام فانا بنت الامام وهذا يبرر لي شيئا من الشقاوة والمشاكسة طفولة جميلة كنت امضي ايامها وانا بين ذراعي والدي اطال الله عمره اراه ياتي بعد صلاة الفجر ليزعجني بالاضاءة وقراءة القران وينغص علي نومي وما أجمله من تنغيص وماهي الا دقائق واذا بالماء البارد يصب على راسي فاقفز من سريري غاضبة امام ضحكات والدي الذي تعب من إيقاظي للصلاة بكل الفاظ الدلال وأحلاها حتى يئس فاحضر الماء فاقوم واصلي مجرد حركات من طفلة متمردة عنيده حجتها ان الصلاة لم تفرض عليها فقط واسارع للنوم لأسمع كلمات اللوم والعتاب من والدي لاني لم اقرا شيئا من القران واظل اسمعه يقرا ويرتل واقول في نفسي ترى الا يمل من القراءة الا يشتهي النوم مثلي ؟؟؟ ما كنت اعلم انه يشتهي ماهو أحلا وألذ من النوم يشتهي جنة عرضها السموات والأرض تنتظره ...
كنت المدللة لكن ليس على حساب الصلاة يوم ان كنت احاول جاهده ان اقنع والدي بالمكان الذي اريده في ذهابنا للنزهة كنت اعجب من نصائحه وكانه يرجوني بكلماته يوم ان كان ينصحني ان نجلس في مكان يكون فيه مسجد فكنت اقول له ان نصلي كلنا جماعه معه فكان يقول لا يا بنيتي لا تكافئيني على استجابتي لك بالنزهه بحرماني من صلاة الجماعة نصلي أولا ثم نذهب الى اي مكان تريديه كان كلامه مليئ بالإيمان ملامحه تضيئ بنورها يكلمني بحنان وليس بقسوة او إصدار للأوامر كان بامكانه ان يقول انا والدك وأريد المسجد بلهجه قاسية فيها من الأوامر والزجر لكنه الأب الرحيم الحنون المربي الذي اراد ان يحببني في هذا الدين وفي الصلاة ... وهذا الأسلوب للأسف كثيرا ما نفتقده لا من رحم الله كثيرا ما نجد في زماننا ما يسمى بالالتزام الأجوف الذي سرعان ما ينتكس أصحابه الا من رحم الله فيلتزم الابناء اما لان والديهم او احدهما دعاة او ملتزمين مجرد تقليد عن غير اقتناع او حب فتكون النتيجة انتكاسة عند أول محك والعياذ بالله ....فنجد الوالدين يجبرون الابن او الابنه على التحفيظ مخافة اللوم او النقد من المجتمع كون ان الأم داعية او الاب طالب علم مثلا او امام او في اي مجال من مجالات الدعوة فيخجلون ان يكونوا ابنائهم على غير ماهم عليه فيأتي الإجبار لتكون النتيجة تمرد وانهيار الا من رحم الله ...
وتمضي السنين ويبدا في مرحلة كبر الشيخوخة وتبدا الالام الام ركبتيه التى لطالما اتعب مفاصلها في الركوع والسجود الى ان تاكلت ويحتمل الالم ويقاوم ويذهب للمسجد ويزيد الالم فيمسك بالعصا لتعينه على تلبية النداء في المسجد وتزيد الالام ليتنحى عن الامامه في الصلاة لانه أصبح يصلي قاعدا على الكرسي وكم هو الالم في قلبه لكنه يخفيه ويواسيه في ذلك انه مايزال في المسجد فلا فرق ان كان اماما او ماموما فاااان للفارس ان يترجل فكم من سنوات قضاها اماما يصلي بالناس يدعو في التراويح فيهز قلوب المصلين ويجري مدامعهم وتنطلق دعواتهم له احبه الأطفال قبل الكبار فيه تواضع عجيب وبساطه ولا تفارق محياه البشاشه .
يوم ان كان يرى إهمالي في الصلاة كان ينصحني ويقول لي ان الصلاة مفتاح الرزق ويحكي لي عن ايام عاشها في فقر وتعب وشقاء وماان وسع الله عليه ورزقه من فضله واخوته لما كبروا في السن وتقدم بهم العمر ماكان ذلك الا بعد فضل الله ثم حفاظهم على الصلاة في الجماعة وقد قالها ربي جل وعلا في كتابه ورتلها لي والدي مرارا وتكرارا ( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ) كان اكسل واحد من العائلة يدرك الركعة الأخيرة وهذا في نظرنا اكسل واحد ومهمل سبحان الله اذن في زماننا ماذا يسمى من لا يصلي اصلا ؟؟؟ ويضعف ذاك الجسد ويجري عمليه في ركبتيه لا لشئء سوى ان يرجع يصلي قائما كما كان فكم وكم يشعر بالحزن لانه لا يستطيع ان يقف على قدميه راضيا بقضاء ربه متمسكا بالامل ويقول لي غدا باذن الله ارجع أصلي بكم الصلوات والتراويح فتنهمر دموعي حبا وحنانا على ذاك الوالد الذي مافتئ يسقيني من كاس الحب لهذا الدين وللصلاة لم يضربني في يوم من الأيام برغم شقاوتي بل كان يحميني من قسوة أمي واهرب اليه لم يضربني سوى لأجل الصلاة أتذكر أول (كف ) أخذته على وجهي يوم ان ايقظني لصلاة الفجر كعادته وكنت من صاحبات الأعذار سقطت عني الصلاة لكن خجلي وحيائي منعاني من مصارحة والدي فما كان مني سوى ان استيقظت وذهبت اغسل وجهي ثم ذهبت للمطبخ في محاولة لتمضية الوقت حتى يذهب ابي للنوم ولم اكن اعلم انه يتابعني سبحان الله كلما تذكرت الموقف تعجبت وكأنه استاذا في التربية لم يكتفي ان يوقظني بل يتابعني عن بعد فيكتشف امري بفراسته وذكائه ليعرف اني كذبت عليه ولم أصلي فيغضب ويثور ويضربني على وجهي فاحس بالظلم الذي أنساني الم الضربة فاصرخ لأوضح له عذري واجري لغرفتي باكية اخذني الدلال الذي غمرني فيه لاجهش في البكاء لافاجا ظهر ذلك اليوم باعتذاره ونحن على الغداء ؟؟؟؟ معقول اب يعتذر ويطلب السماح من ابنته المراهقة ؟؟؟ نعم والله ليس بمستغرب على اب رحيم حنون يحمل في جنباته قلبا ينبض حبا ورحمة قالها (سامحيني يابنيتي ولا حياء في الدين لو اخبرتيني بعذرك ماكنت ضربتك ظننتك تكذبين وانا اسامح في كل شئ الا الصلاة ) الله اكبر علمني بضربه قيمة هذا الدين وكيف اني لا اقبل اي مساومة عليه ولا ابيع ديني ولا بكنوز الدنيا وفرضا واحدا من صلاتي يسوى الدنيا باسرها
وعلمني باعتذاره درسا في الاعتراف بالخطا وعدم المكابرة مع انه اب ويحق له ان يكابر ويكتفي بالاعتذار لكنه والله ماتركني الا وانا اضحك وما فتئ يستمر بطلب السماح وانا أماطل في دلال الطفولة وقلبي يقفز فرحا بودي ان اقبل قدميه قبل رأسه .
كنا في رمضان نعيش أجمل أيامنا كان لا يجلس على الطعام الا ويده ممسكه بي وانا التي كنت أماطل وأتأخر بالمطبخ حتى أضيع الوقت لكن اين المفر من اب ذكي متابع لا تنطلي عليه مشاغباتي فيمسكني مع يدي لنجلس ندعو عند الإفطار فاللصائم دعوة مستجابة عند فطره كما ورد في الحديث ... علمني ان أتذوق روحانية هذا الشهر كما أتذوق ألذ الطعام او الشراب كان يقول لنا نحن ناكل لنتقوى على الصيام والعبادة ولسنا نصوم لناكل فكان كثيرا ما ينبه على أمي بعدم الإكثار من أصناف الطعام حتى لا تضيع وقتها في المطبخ سبحان الله اذهب معه للمسجد لايفتا لسانه من ذكر الله عزوجل كان يوبخني لو راني أصلي وأقوم بدون قراءة اذكار او تسبيح .... ااااااااااااااه ما أجملها من أيام ليتها تعود انظر اليوم اليه يجلس على كرسيه المتحرك لا يقوى على الوقوف او الحركة خارت قواه وضعفت عظامه ووهنت لايسال عن طعام او شراب لا يسال سوى عن الصلاة ضعف عقله وذاكرته يصلي لا يعي ما يقول لكن عقله وقلبه متيقظ لشي واحد فقط الصلاة لا غير يسألني ويسال السائق ويسال الوالدة هل صليت العصر هل صلينا المغرب هل وهل وهل يالهذا الرجل وقد أصبح من أهل الأعذار بل سقطت عنه الصلاة لانه لا يدرك لكنه لم يسقطها عن نفسه يحمله السائق كطفل صغير الى السيارة ليذهب ويصلي بالمسجد المغرب والعشاء والجمعة اما بقية الصلوات فاما يصليها في البيت واما لا يصليها اصلا لذهاب عقله انظر اليه والى ذلك النور في وجهه والى عينيه وكانه يقول لي بنيتي اما وقد ضعف جسدي عن صلاة الجماعة فكوني كما ربيتك حافظي انتي عليها وانشئي ابنائك على حبها بنيتي كم اشتاق للمسجد كم اود ان أذهب لأصلي بنيتي انتي في شبابك وقوتك وصحتك فاستثمري تلك النعم في كثرة الصلاة والعبادة حتى تنالي خير الدنيا والاخره ... لله درك ابتاه ربيتني وأحسنت تربيتي وعلمتني حب هذا الدين والتفاني لخدمته .. لله درك يامن جمعت بين صفتين لتفوز بظل العرش باذن الله فنشات في طاعة الله وتعلق قلبك بالمساجد فهنيئا لك ابتاه فنيت شبابك وقوتك في طاعة ربك وستبقى باذن الله يطيل الله عمرك لتزيد وتزيد من الطاعات والقربات وسأكون باذن الله كما ربيتني لن اضيع تربيتك .....)
وبعد أحبتي في الله قالت لي ابنة بطل القصة انها ما اذنت لي ان اذكر قصة والدها لمجرد الافتخار فقط او التأسي فهناك الكثير والكثير من الصالحين بعد نبينا عليه السلام وصحابته والسلف الصالح نقتدي بهم لكن الهدف من القصة هي رسالة منها على لسان والدها موجهه الى ذلك الشاب الذي انعم الله عليه بالصحة والعافيه فسمع النداء للصلاة واعرض اهمالا وتكاسلا بينما لا يكسل ويمل ان يجوب الشوارع طولا وعرضا ... سمع النداء لصلاة الفجر وهو من كان يسهر ليلة كاملة وتكاسل عن ربع ساعة او نصف ساعه في صلاة الفجر ... من كان بري ابنائه وبناته مابخل عليهم بشئ لكنه بدافع الحب تنازل وغض الطرف عن المطالبة بالصلاة وحفاظهم عليها حرص ان يلبي طلباتهم واحتياجاتهم وحرص ان يكونوا في احسن حال من ماكل ومشرب وتعليم وفاته ان يحرص على حمايتهم من النار (  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ) غفل هو وغفلت تلك الام ان يحرصوا ان يكونوا مجتمعين في الجنة كحرصهم على اجتماعهم في الدنيا بحفاظهم على الصلاة والصبر عليها وعلى الطاعات بل غفلوا عن قوله تعالى ( وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ )
رسالة إلى كل فتاة وشاب وأم وأب ان يحافظوا على الصلاة قبل ان تمر بهم السنين وتضعف أجسادهم وقواهم ...

بر أباه فماذا وجد؟!


يقول أحد الدعاة: كان هناك رجل عليه دين،  وفي يوم من الأيام جاءه صاحب الدين وطرق عليه الباب ففتح له أحد الأبناء فاندفع الرجل بدون سلام ولا احترام وأمسك بتلابيب صاحب الدار وقال له: اتق الله وسدد ما عليك من الديون فقد صبرت عليك أكثر من اللازم ونفذ صبري ماذا تراني فاعل بك يا رجل؟!.


وهنا تدخل الابن ودمعة في عينيه وهو يرى والده في هذا الموقف وقال للرجل كم على والدي لك من الديون،  قال أكثر من تسعين ألف ريال.


فقال الابن: اترك والدي واسترح وأبشر بالخير، ودخل الشاب إلى غرفته حيث كان قد جمع مبلغا من المال قدره سبعة وعشرون ألف ريال من راتبه ليوم زواجه الذي ينتظره ولكنه آثر أن يفك به ضائقة والده ودينه على أن يبقيه في دولاب ملابسه.
دخل إلى المجلس وقال للرجل: هذه دفعة من دين الوالد قدرها سبعة وعشرون ألف ريال وسوف يأتي الخير ونسدد لك الباقي في القريب العاجل إن شاء الله.


هنا بكى الأب وطلب من الرجل أن يعيد المبلغ إلى ابنه
فهو محتاج له ولا ذنب له في ذلك فأصرّ الشاب على أن يأخذ الرجل المبلغ.

وودعه عند الباب طالبا ًمنه عدم التعرض لوالده و أن يطالبه هو شخصياً ببقية المبلغ.


ثم تقدم الشاب إلى والده وقبل جبينه وقال يا والدي قدرك أكبر من ذلك المبلغ
وكل شيء يعوض إذا أمد الله عمرنا ومتعنا بالصحة والعافية فأنا لم أستطع أن أتحمل ذلك الموقف،  ولو كنت أملك كل ما عليك من دين لدفعته له ولا أرى دمعة تسقط من عينيك على لحيتك الطاهرة.

وهنا احتضن الشيخ ابنه و أجهش بالبكاء و أخذ يقبله ويقول الله يرضى عليك يا ابني ويوفقك ويحقق لك كل طموحاتك.


وفي اليوم التالي وبينما كان الابن منهمكاً في أداء عمله الوظيفي زاره أحد الأصدقاء الذين لم يرهم منذ مدة وبعد سلام وسؤال عن الحال والأحوال قال له ذلك الصديق: يا أخي أمس كنت مع أحد كبار رجال الأعمال وطلب مني أن أبحث له عن رجل مخلص وأمين وذو أخلاق عالية ولديه طموح وقدرة على إدارة العمل وأنا لم أجد شخصاً أعرفه تنطبق عليه هذه الصفات إلا أنت فما رأيك أن نذهب سوياً لتقابله هذا المساء.

فتهلل وجه الابن بالبشرى وقال: لعلها دعوة والدي وقد أجابها الله فحمد الله كثيراً،  وفي المساء كان الموعد فما أن شاهده رجل الأعمال حتى شعر بارتياح شديد تجاهه وقال: هذا الرجل الذي أبحث عنه وسأله كم راتبك؟ فقال: ما يقارب الخمسة ألاف ريال. فقال له: اذهب غداً وقدم استقالتك وراتبك خمسة عشر ألف ريال، وعمولة من الأرباح 10% وراتبين بدل سكن وسيارة،  وراتب ستة أشهر تصرف لك لتحسين أوضاعك.

وما أن سمع الشاب ذلك حتى بكى وهو يقول ابشر بالخير يا والدي.
فسأله رجل الأعمال عن سبب بكائه فحدثه بما حصل له قبل يومين، فأمر رجل الأعمال فوراً بتسديد ديون والده، وكانت محصلة أرباحه من العام الأول لا تقل عن نصف مليون ريال.


وقفة:

بر الوالدين من أعظم الطاعات وأجل القربات وببرهما تتنزل الرحمات وتنكشف الكربات،  فقد قرن الله برهما بالتوحيد فقال تعالى: { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما } الإسراء.

وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: (الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: ثم الجهاد في سبيل الله ).

وعن عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله يقول: يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد اليمن من مراد ثم من قرن، كان به أثر برص فبرأ منه إلا موضع درهم، له والدةٌ هو بارٌ بها، لو أقسم على الله لأبرّه، فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل ) صحيح مسلم.

وهذا حيوة بن شريح وهو أحد أئمة المسلمين والعلماء المشهورين يقعد في حلقته يعلم الناس ويأتيه الطلاب من كل مكان ليسمعوا عنه، فتقول له أمه وهو بين طلابه: قم يا حيوة فاعلف الدجاج، فيقوم ويترك التعليم.


واعلم أخي الحبيب أن من أبواب الجنة الثمانية
( باب الوالد ) فلا يفوتك هذا الباب واجتهد في طاعة والديك فو الله برك بهما من أعظم أسباب سعادتك في الدنيا والآخرة.


من عجائب رجال الفجر


بسم الله الرحمن الرحيم

يقول أحد طلاب الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله – كنا مع موعد مع الشيخ عبد العزيز بن باز بعد صلاة الفجر لحضور الدروس العلمية فتأخر الشيخ، فذهبنا إلى منزله ففتح لنا الباب حارس الشيخ، وسألنا عن الشيخ فقال في غرفته وبعد الإذن والسماح منه، قال الشيخ: كم الساعة الآن ؟ قلنا الساعة الخامسة والنصف. قال الشيخ هل صليتم الفجر ! قلنا نعم.

قال الشيخ عبد العزيز بن باز : لا حول ولا قوة إلا بالله – والله إنها أول مرة تفوتني صلاة الفجر.

الله أكبر أيها الأحبة : كم عمر الشيخ؟ كم قضى من شبابه وشيبه؟ يقول: إنها أول مرة تفوته صلاة الفجر – فكيف بحالنا من تفوته الصلوات ولا يبالي وقد يصلي صلاة الفجر بعد وقتها، ولا يشعر أنه مقصر في ذلك.

يقول الشيخ عمر بن سعود العيد - حفظه الله - في لقاء بمدينة جدة: من المواقف التي لا أنساها في حياتي أن شخص يتصل بي لصلاة الفجر كل يوم منذ تقريباً 12 سنة ولا يزال على هذا الحال والله لا أعرفه جزاه ربي عني كل خير.

أحد جيراني وفقه الله عمره فوق 50 سنة من رواد المسجد ولا أزكيه على الله، والله دائماً يتصل بي قبل صلاة الفجر بنصف ساعة يوقظني للصلاة.

يقول: بفضل الله يا أحمد أيقظ زوجتي تصلي القيام ثم أخبرها توقظ الأبناء لصلاة الفجر. ولا أستغرب منه فهو دائماً في الصف الأول خلف الإمام أطال الله عمره على الطاعة.

حدثني أحد الثقات من المقربين لي بقصته يقول بفضل الله عز وجل لي تسع سنوات أقسم بالله العظيم مواظب على صلاة الفجر مع الجماعة في المسجد.

فقلت له : ما شاء الله تبارك الله كيف تتغلب على النوم والكسل؟ قال: أستعين بالله وأتوضا قبل أن أنام وأقرأ المعوذات وأنام على الشق الأيمن وأنبه ساعة الجوال وساعة اشتريتها ذات جرس عالي توقظني لصلاة الفجر ولا أنام إلا وقد سامحت جميع الناس.

دار حوار بيني وبين صديقي عن أسباب القيام لصلاة الفجر، ثم قال: والله يا أحمد بفضل الله لي تقريباً ثلاث سنوات يومياً أتصل على 48 صديق لي وقريب قبل الفجر أيقظهم ورأيت منهم القبول والتشجيع بحمد الله، وضعتهم في مجموعة في جوالي وأسميتهم - رجال الفجر- ثم قال اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك ، أوصيك يا أحمد أكثر من الدعاء وأعلم أن كثرت الطاعات من أسباب الثبات.

يقول أحد الدعاة: اتصلت علي امرأة وهي تبكي فظننت أنها تشكو من مشكلة عائلية أو تسأل عن بعض أهل الخير ليساعدوها فقلت لها تفضلي بسؤال يا أختاه : فقالت والله يا شيخ لي ست سنوات لم تفتني صلاة الفجر في الوقت وكنت حريصة دائماً عليها ولله الحمد أما اليوم فقد استيقظت ونظرت إلى الشباك وإذا بالشمس تنير منه وعلمت أنها قد ذهبت علي صلاة الفجر، فهل علي كفارة، وكيف أقضيها وكيف أعالج هذه المشكلة.

الله أكبر.. هذه امرأة غيورة على صلاتها، حريصة على وقتها، نسأل الله أن يكثر من أمثالها.

كنت في سفر مع والدي حفظه الله وأطال عمره على الطاعة وأخبرني بهذه القصة التي جرت معه يقول والدي: والله يا ابني لي تقريباً سنتين أو أكثر وفيه رقم غريب يتصل بي دائماً وقت صلاة الفجر يتصل حتى أرد ثم يغلق الخط، والله ما أعرفه ولم أتصل به حتى اليوم ولكني أدعو الله له بالتوفيق وأن الله يشرح صدره ويرزقه من حيث لا يحتسب.

نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من المحافظين على الصلوات ومن المكثرين من الطاعات.

ليلة في ظلمة القبر ( قصة مُبكية )

بسم الله الرحمن الرحيم

سمعت الأم اضطرابا في بطنها ، تلاه ضرب مؤلم ..
ذهبت إلى الطبيب ، فزف لها البشرى ، قال : يا بشرى هذا غلام
لم تسع الأرضُ الأمَ من الفرح ، سجدت لله شاكرة ، حمدته بلسانها وجوارحها ، رفعت يديها إليه .. ناجته قائلة : ربُّ هب لي من ذريتي قرة عين .

بدأ سعد بالمعافسة في بطن أمه .. يتحرك هنا وهناك بكل فرح وحبور لأنه خارج إلى حياةٍ رحبة ، ظانا أن الدنيا مع سعتها أسعدُ من بطن الأم مع ضيقه !!

أما أمُّه .. فعَينها امتزجت بدمع الألم والأمل، والفرح والحزن، والدمع الحار والبارد ..
ألم الحمل وأمل الذرية ، فرح الأولاد وحزن الولادة ، دمعها الحار خوفا عليه من مس السوء، والدمع البارد لأنه خيل إليها نجاحه فلا تراه إلا رجلا يضرب به المثل .. سندا للظهر ، وعصى يتوكأ عليها .

جاء اليوم المشهود وفرِح الوالدُ بالمولود :
خرج سعد يتنسم عبير الدنيا ويأخذ نفسا عميقا يَروِي عظمَه الطرِيَّ الغَضَّ .

شب قرنُه وبدا مسيرُ الطريق مخالفا لما عوّلت عليه أمه ، حلُمت أن يصبح رجلا صالحا فأمسى طالحا ، يرى نورَ الطريق فيحيد عنه وظلمةَ الشِّعب فيأوي إليه . .

فما حال سعد ؟!!

سعد صاحب العضلات المفتولة والنظارة السوداء ، يركب رأسَه ويخالف الناس ويمشي مع هواه ، يسمع نداء الأذان فلا يلبي ، ويرى الناس تؤم بيت الله وهو صاد عنه ، أعجبته نفسه ، وغرته الأماني ، وظن أن سعادته فيما يفعل ..

ضيع نفسه ووقته ،كأن وجوده في الدنيا ذنب قابله بعصيان وتمرُّد وتنمُّر !!
يفتح عينه من سبات غميق غط فيه ، يتعاجز عن القيام ، أثقلته الذنوب ، على وجهه ضوء أسود فحَدَقُه مظلم، تثائب تثاؤب من بال الشيطان في أذنه ونهض قائما

وبينما هو يمشي في حَمأة اللهو أصابته حُمَّى شديدة فطرحته للفراش صريعا ،كان جسده يمانع الأمراض فأصبح مرتَعا للوباء ، ذهب إلى الطبيب فحذّره وأنذره من اتخاذ الخليلات وشرب المسكرات ، وليته سمع فوعى !!

ومع كرِّ الليالي وفرِّها وإقبال الأيام وإدبارها حان موعد الرحيل وآذنت النفس بالإياب ، وأُخذت الوديعةُ المستودعة .

اعترى سعدا ضعفٌ في جسده .. تنمّلت أطرافه خارت قواه ، نادى : أماه أماه ..

لبّت النداءَ أمُه تهرول وتقول : ولدي حبيبي هل أصابك من ضرر ؟

ضمته إلى صدرها ، نضحت وجهَه بالماء ، إلا أن " سعدا" يصارع شيئا لا يشبه المرض ..
.. نادته : سعد سعد ، وبصره شاخص إلى السماء كأنه يرتقب ضيفا مفزعا

وبعد شدة هَوْلٍ .. جاءه الضيف ذو الوجه الأسود والعين الجاحظة .. مد يده إلى جوف سعد كأنه وجد ما فقد .. لقد نزع الروح نزعا شديدا غليظا كأنه اقتلع جسده كله ، وسعد يصارخ ويضطرب ولا منجى من الموت ، قد حان ما كنت تحذره يا سعد .

أراد سعد الكلام ولكن لم يسطع ، كان يريد القول :"رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت"
ما زال سعد يقاتل الموت ولكن لا طاقة له بملك الموت !!

لم يكن النزع يسيرا بل غرقا ، لقد هربت روحُه فلم تدع عِرقا ولا عَصَبا إلا اختبأت خلفه ..
وهذا الملك غارق في نزعه ، فالعذاب عسير ولا طاقة للجبال الرواسي به !!'.

وذهب ملك الموت متأبطا شرا ، تاركا جسده المسجى بالهول والهلع . ..
بقي سعد جثة هامدة لا تطيق حراكا بل هي أشد ما تكون في سكونها ..

ضربت الأم صدرها وقالت : بنيَّ سعد وقتك الأواقي ، أجبني ، ما ذا أصابك ؟

فلمَّا لَمْ يجب عرفت أن ليس ثمة مرض .. إنه الموت الذي لا يرده ملك مقرب ولا نبي مرسل

كان سعد تاركا للصلاة مجانبا للطاعة بعيدا عن الخير ، فتحرجوا في الصلاة عليه ، ولم يجدوا بُدا من أن يلقوه في المقبرة رميا، كأنه متاع قد استغني عنه .

حملوه على أكتافهم وهو يسمع قرع نعالهم ويقول : إلى أين ؟ أين تذهبون بي ؟
أنا سعد ابنكم وقريبكم ، دعوني أصل لله ركعات لعله يغفر لي خطيئتي ، لقد ضربت فلانا وشتمت فلانا أريد المغفرة منهم ، وصاحب المتجر يريد مالا لم أعطه ، وقد استعرت متاعا فجحدته ...
ولكن لا يسمع نداءَه إلا ربُه ، ولا حياة لمن يناديهم

اقترب من الحفرة التي ستكون له مأوى ومصيرا !!
رأى سورَ المقبرة كأنه قيد في العنق يقطع الوريد ويشد الوثاق !! !!
اقترب من المقابر كأنها غابة موحشة لا يأنس بها إلا الأبالسة !! !!
النبات ذابل ، والشجر محترق ، وكل شيء في هذا المكان خَرِب خَرِب ، فكل ما تراه يدعو إلى الموت ، لا حياة بعد تلك الحياة ، أواه ثم أواه .

لقد بدّلوا اسمه ، فكان "سعدا" في الماضي ، أما الآن فهم يقولون أين "الميت" ؟ ، ويقولون :ضَعُوا "الجنازة" هنا .

يالله !! ما أكثر من خُدع ببريق الدنيا ثم لم تمهله حتى رُمِي في حومة الردى ..

أنزلوا رأسه أولا إلى هذه الحفرة الضيقة فرأى ظلاما عميقا وقَعرا مُخيفا أراد أن يمسك بيد من يدفنه ليقول نشدتك الله إلا تركتني .. دعني وشأني
ولكن الموت ليس فيه رحمة ولا توسل فلا يخرق نواميسَه أحدٌ إلا الله !

استقر سعد في ظلمة القبر وهو يرى بعينه الفانية هيلان التراب عليه ، ويقول ما ذا فعلتُ بهم ؟

طمَّ الثرى جسدَه فلم يعد يرى شيئا ، التقمه القبر وهو مُليم ، فسعد مُحاط بالضنك والكدر ولا رادَّ لما أراد الله .

ثم وضعوا لبِنة عليه أثقلت جسده وأضْنت عظمَه ،ثم أهالوا التراب أخرى وأخرى فلم يُطق التفاتا واستسلم لما هو كائن عليه ..
وما إن فرغوا من توسيده التراب حتى ضربوا أيديهم كفا على كف ينفضون الغبار وتفرقوا شذر مذر .

بقي وحيدا فريدا عاريا ، فارغا من كل شيء ، لا يملك من الأمر قِطْميرا ، فوقه تراب ، يمينه تراب ، وعن شماله التراب ، وتحته التراب ، فراشه التراب ولِحافه .

ما هذا المصير ؟ أين فراشي الناعم ؟ أين الديباج والحرير ؟ أين الهناء ورغد العيش ؟ أين الطعام والشراب ؟ أين فلان وفلانة ، في كل ليلة لي معهم صولة وجولة، نقطِّع الوقت بالحديث الماتع ، والغناء الماجن ، والكلام المؤنس؟
لمَ تركوني في وقت الحاجة والفقر الشديد ؟!!

المكان شديد الإظلام لا أرى إلا سوادا في سواد ؟؟

ثم يجيئه ملكان قبيحا المنظر يقولان له : قم يا سعد .. فيقوم أفزع قيام، وجِلا خائفا يقول لهما : من أنتما ؟
فيقولان نحن عملك السيء؟
فيقول : ماذا تريدون ؟
فيقالان : من ربك؟
فيقول وقد انخلع فؤاده : هاه هاه لا أدري !!

يسائل سعد نفسه ما لي لا أجيب ، فأنا أعلم من ربي ومن خلقني ورزقني ، ولم يُحِرْ جوابا ..
ثم يقولان : من نبيك ؟ ما دينك ؟
ويقول في كل ذلك : هاه لا أدري !!

فيضربانه على رأسه بمِطرقة يسمعه كل شيء قريب منه إلا الثقلين ، ولو سمعوه لصُعقوا . .

ثم يرى منزله من النار ، ويرى غُرفته في الجنة لو كان صالحا ، فيزداد حسرة على حسرة وحرقة على حرقة ويموت في كل حين أسفا وحزنا .

ثم يضمه القبر ضمة تختلف أضلاعه فيها .. فلا يبقى عظم على عظم بل هشيما ..
ويتمنى سعد أن لا تقوم الساعة لأنه يعلم أن ما يأتيه أشد فزعا وأعظم عذابا من هذا فيقول : رب لا تقم الساعة ، رب لا تقم الساعة ...

وهذه ليلة سعد في ظلمة القبر البهيم .. وهناك من تطيب نفسه إلى هذا المصير ليس بقلبه ، ولكن حاله تخبرك ، وعند الامتحان يكرم الرجل أو يهان ..

اللهم أسبل علينا رحمتك ، وقِنا عذابك ، واغفر الزَّلَّة ، وتجاوز عن الخطيئة ، وأحسن الخاتمة ، وأجزل المثوبة إنك جواد كريم ونحن الفقراء إليك ..

وصلى الله على محمد .

أسلمت بعد سماعها القرآن

بسم الله الرحمن الرحيم

زارني أحد أقربائي في المنزل وهو يعمل في \" السنترال \" الخاص بإحدى المستشفيات في مدينة جدة وعمله الرد على المكالمات وتشغيل صوت الأذان وقت الصلاة.

قلت له: لماذا لا تستغل الوقت الضائع بعد صلاة الفجر إلى الساعة الثامنة صباحاً بتشغيل القرآن بالمستشفى بصوت هادئ، فرحب بالفكرة وأعطيته مجموعة تلاوات قرآن متنوعة لعدة مشائخ.

وقلت له: استعن بالله واخدم دينك وأنت في عملك، وبالفعل بدأ بتشغيل المقاطع الصوتية.

يقول لي: كان مع ضمن المقاطع تلاوة لسورة ق للشيخ سلطان العمري - المشرف على موقع ياله من دين - وكان صوته مؤثر جداً وفجأة وإذا بصوت الباب يطرق بشدة.

فتحت الباب وإذا بتلك الدكتورة التي في الدور الثاني نزلت إلي وهي تبكي فتعجبت من هذا الموقف، ومن حسن الحظ أني كنت أجيد اللغة الإنجليزية ولله الحمد.

قالت لي: ما هذا الصوت؟! قلت لها: هذا صوت القرآن. قالت: وما هو القرآن؟! قلت: هذا كلام الله ونحن المسلمون نفهمه. قالت: وما هو الإسلام؟! فطلبت منها أن تجلس وذهبت لأتصل بدكتور مناوب أعرفه محب للخير وحضر إلي وقابلها وحدثها بنبذة بسيطة عن الإسلام ثم قالها لها هناك مواقع على الإنترنت تخبرك أكثر عن دين المسلمين.

تعجبت الدكتورة ثم دخلت في الإنترنت وبحثت كثيرا وقرأت عن الإسلام.

يقول: بعد أسبوع قابلني الدكتور الذي أخبرها عن الإسلام وقال لي \" أبشرك \" الدكتورة أسلمت ودخلت في الإسلام بسبب صوت القرآن.

يقول صاحبنا: بعد قرابة شهر تقريباً والله أني رأيتها وهي لابسة العباءة السوداء والطرحة.

قلت: سبحان الله كان صوت القرآن سبب في هدايتها.

الفوائد من هذه القصة :


1- اغتنام الأوقات بالأعمال الصالحة لعل الله عز وجل أن يبارك لك فيها وأنت لا تدري .

2- أثر القرآن الكريم كلام رب العالمين في امرأة نصرانية وكان سبب في إسلامها.

3- يجب علينا تعريف غير المسلمين بالإسلام ودعوتهم إليه.

4- الحرص على الدعوة إلى الله وعدم استصغار أي عمل في ذلك.


دعوة أمي غيرت حياتي

بسم الله الرحمن الرحيم

في أحد مجالس الذكر عن فضائل بر الوالدين قال أحد الدعاة: حصلت هذه القصة معي ووالله ما أخبرت بها إلا من أجل الفائدة والاستفادة بين إخواني وأحبابي في هذا المجلس.

يقول: في بداية طريقي للاستقامة كانت والدتي وفقها الله تقول لي دائماً \" يا ولدي كان تريد الله يرضى عليك اعفي لحيتك \" وكانت والدتي لها محبة كبيرة في قلبي وتأثرت بهذه الكلمة منها وأسأل الله أن يطيل عمرها على الطاعة فهي كبيرة في السن وتحفظ ثلاثة أجزاء وتدرس في تحفيظ القرآن الكريم في المسجد. قالت لي: دعها والله أنك جميل بهذه اللحية .

وفي أحد الأيام كانت أمي تشاهد قناة المجد العلمية في المنزل وكان أحد المشايخ يلقي محاضرة في المسجد وعدد كبير من الناس من حوله يستمعون إليه.

قالت: يا ولدي الله يجعلني أراك تصبح مثله تحدث على الناس.

فقلت لها: آمين. ادعي لي بالثبات يا أمي وأن أصبح مثله أو أحسن. قبلت رأس والدتي وذهبت إلى عملي.

بعد أيام اتصل بي أحد الزملاء وقال: ما رأيك عندي مسجد صغير أريدك تتعلم الخطابة فيه وأغلب هذا المسجد من الجاليات الأجنبية ولا يجيدون اللغة العربية.

قلت: لا أستطيع فعل ذلك. قال استعن بالله وخذ ورقة وسوف أساعدك. فقلت: أبشر.

فرتب لي خطبة قصيرة وذهبت معه يوم الجمعة لأول مرة أخطب في حياتي، وبحمد لله عدت بسلام واستمريت على هذا الحال ثلاث سنوات أخطب بالأجانب وبعد عدة شهور اتصل بي إمام المسجد وقال لي: أنا سوف أسافر هذه الليلة وأريدك أن تخطب عني أو تبحث لي عن بديل للخطبة.

فقلت: أبشر بإذن الله، ولأول مرة أخطب في حياتي أمام الجيران من أهل الحي والأصدقاء فصعدت المنبر ورددت السلام وإذا بالمسجد امتلأ تماماً بأكمله ثم جلست.

ووالله إني تذكرت دعاء والدتي وأنا على المنبر أنظر إلى الناس وقد امتلأ المسجد إلى آخر الباب.

وبعد شهرين تقريباً استأذنت من إمام المسجد أن ألقي دروس تربوية من الأحاديث النبوية في كل يوم سبت وثلاثاء بعد العصر في المسجد فوافق الإمام جزاه الله خيرا واستمريت على هذا الحال لمدة ثلاث سنوات بحمد الله.

وأتممت حفظ كتاب الله بفضل الله عز وجل، وانطلقت في نشر الدعوة إلى الله بإلقاء الكلمات في المساجد، وهذا من فضل الله ثم بفضل دعاء والدتي.

أقسم بالله لم أتوقع يوم من الأيام أن أصبح خطيباً أو داعية كما تروني بل سبحان الله أصبحت في المناسبات بين الأقارب ألقي لهم كلمات وأصبح الزملاء ينسقون معي لألقي لهم كلمات بمسجدهم .

سبحان الله! انا أعرف نفسي والله كنت لا شيء لولا الله ثم دعاء والدتي..

ثم قال الداعية في المجلس: يا إخوان من أراد التوفيق والسعادة ورضى الله تعالى فعليه بعد طاعة الله ببر الوالدين.

الفوائد من هذه القصة:

1- دعاء الوالدة غير حياة هذا الشاب وأصبح داعية معلم الناس الخير.
2- الاستمرار في الأعمال الصالحة.
3- بر الوالدين والحرص على رضاهم من أسباب التوفيق والسعادة ورضى الله عز وجل .


يوم تركتُ الصلاة..


*" السرّ في الصلاة أنها لا تغير العالم. الصلاة تغيرنا نحن.. ونحن نغير العالم."
.. كنتُ شابا صغيرا، وكانت التياراتُ تلاحقنا في كل مكان، في كل كتاب، في كل نقاش، كانت أيام الثانوية أصعب أيام، وهي أيام الشك والحيرة، والضياع والزوغان بين مدارس الفكر الوضعي، وأخذتني المدارس واستلهمت كبار مفكري العالم، فانقطعت مدة طويلة متبتلا بالفكر الألماني، ومع أني أقرأ من صغري بالإنجليزية، إلا أن تراجم الإنجليز لجوته، وتشيلر، وكانت، ونيتشه، وريلكه، أخذت بلبي، ثم تعرفت على شبنهاور فصقل فكر نيتشه في رأسي عن عنفوان القوة، وعدل البأس والجبروت، وكأنه دين يُبَشـّر به، أخذني نيتشه إلى مسوغاته، ومبرراته الصعبة التي كانت بمشقة تسلق جبال بافاريا، وكانت القمة هي ما أسماه مصطلحا "بالإرادة العلـّية"، ثم قذفني إلى شواطئ برتراند الرسل المتصوف المادي الرياضي، وهـُمْتُ بعد ذاك بمدارس الفابية مع برناردشو في شقـِّهِ الجاد، وتبتلتُ مع إنجلز.. وأخذ الفكرُ يجرفني تماما وبعيدا عن الروح المتصلة بالسماء، حيث اليقين كل شيء، حيث الإيمان هو الشمس التي تسطع من بعيد، ولكنها أقرب لك من أي عنصر في الكون، لأنها طاقة الوجود، فضعت كثيرا، وتجبرت بما سفحت من معلومات وكتب وظننت أني في تلك السن الباكرة قد جمعتُ سحرَ العلوم، وكأني خيميائي المعرفة.. ولم أعد أقرأ الكتبَ التي كنت أتوسدها في السابق حتى يغالبني النوم من أمهات الثقافة الدينية في التفسير والفقه الحديث، والأدب العربي.. ونفضتُ عني ما حسبت وقتها أنه عالمٌ عتيقٌ مليءٌ بغبار الغابر من التاريخ المعتم، إلى معارف تُشرق فيها أنوارُ العقل الإنساني متوهجا سواء في التاريخ أو المعاصر.

.. ثم تركتُ الصلاة.


وكان مدرسي, يرحمه الله, في اللغة العربية رجل من غزة متدين، وقويم الفكر، ويؤثرني لميلي إلى الاطلاع، ولظهوري في اللغة، ثم توطدتْ بيننا صداقةٌ غير صفيّة، حتى انتزعتني أفكار الوجودية، والتي كانت أول مزالقي نحو كل الفلسفات، وصار يقف ضد هذا التوجه ويحذرني كثيرا، ويقول لي لستَ في سنٍّ تحكم فيها على العالم، ولا على معارف أمتك ولا أمم الآخرين.. ارجع إلى منبعك وانهل منه، وتقو، ثم رِدْ من كل منهل، وستجد أنك ستتذوقه وتعرف مكوناته، ولكن لن تدخله جوفك لأن ذائقتك المعرفية المتينة من بنيان تشربك المعرفي لدينك وثقافتك ستمنعك من ذاك.. ولكني تماديت، وشعرت أنّ موجة مشرقة أخذتني منه بعيدا تاركا له كل بحار الظلام..

وأنا في طريقي المادي الجديد، بدأت في سن السابعة عشرة أكتب لمجلة "الجمهور" اللبنانية، وكانوا يحسبوني شخصا كبيرا في بلادي ويخاطبوني كما يخاطبون الكبار، وتـُرسل لي تحويلات النقد، ثم صرتُ أكتب في مجلةٍ إنجليزيةٍ تصدر من البحرين، ودار اسمي تحت اسم المفكر المتحرر. وكانت كتاباتي تنضح عما في داخلي من معلومات وكتبٍ سفحتها سنوات لا أرفع رأسي من متن كتابٍ إلا إلى آخر، فأغوتني علوم الفلك والإنسان، والحفريات التاريخية، والطب، والجغرافيا.. وكنت أقرأ لعلماء أتأكد من كونهم غير روحانيين.. حتى لا يشوشوا علي بأفكار لا تثبت بالاستدلال المادي.. وانفتحت أمامي المجلاتُ والصحف، وصرت أكتب وأنا في الثانوية بغزارةٍ لمجلات وجرائد في لبنان, الكويت، إيران، البحرين، وأمريكا.. وانفتنتُ بنفسي.. وأرى أستاذي، وأكاد أطل عليه بمكابرةٍ من علٍ.

"لماذا لم تعد تصلي؟" سألني أستاذي بحدة عميقة، فأجبته: "وهل تغير الصلاةُ العالم؟" فأجابني إجابة طيرت عقلي، وخلخلت أركانَ نفسي التي ظننت أنها مكينة.. "نعم الصلاة لا تغير العالم، ولكنها تغيرنا فنغير نحن العالم".. ولكني صارعت أثر الجملة المريعة.. ومضيت في غيِّي.

مرت سنوات، عدت للمنزل.. وكان بيتنا لا مهادنة فيه بالنسبة للصلاة وفي المسجد، كان أبي يجعل من خروجه للمسجد طقسا ضوئيا، ووالدتي توقظنا للصلاة قبل أن يصدح الأذان.. جرْجرتُ نفسي وعدتُ للصلاة، ولكن مكابرتي كانت في الداخل. ..

..ويوماً مرضتُ.. وقال لي الطبيب:" آسف يا نجيب، ستموت لا محالة بعد تسعة أشهر"..

كنت في مدينة تاكوما الساحلية بأمريكا، ورحتُ وحيدا إلى تلة خضراء، ورأيت المحيط الجبّارَ شاسعا أمامي.. ولا شيء إلا أنا والسماء والماء.. والموت، والحياة. وسألت نفسي هل أغيرُ شيئا؟". ورحت متأملا، والدموع تنفر فتغطي شساعة المحيط بسرابيةٍ مهيبةٍ مبهمة.. وفجأة، قفزت تلك العبارة إلى رأسي: " الصلاة تغيرنا، ونحن نغير العالم".. وبسرعة ذهبت إلى حيث أقيم وأبرقت لأستاذي تلك الجملة بلا مقدمات ولا خواتيم.. وردّ علي. " لقد استردك الله.. عش مطمئنا."

أعظم صلاة أخذت بمجامعي كانت على ساحل الأطلسي في تاكوما الأمريكية.. وعرفت أن الله حق.. وعرفت ما معنى الحق.. وأن معناه النهائي في السماء لا في الأرض..

ولم أمُتْ.. حتى الآن.

 

قصة رائعة لشاب عفيف


بسم الله الرحمن الرحيم

تبدأ من \"إبراهيم\" فهو بطل القصة وفارسها ..
أعرفه مواظبا على صلاة الفجر يجلس في أحايين كثيرة إلى شروق الشمس لتلاوة القرءان وربما جرى بيني وبينه الحديث يشكو كل منا بلواه .

دخل الجامعة \"إبراهيم\" وانتهى من السنة الأولى والثانية ، وهو يصارع فتن الجامعة ومصائب الحياة ، حيث الاختلاط والمعاصي وقلة ذات اليد ..

وقد أعطى الله \"إبراهيم\" جمال المنظر والمخبَر ، فكان مرمى سهام بعضِ المغرِضات ، وحدّثني أنه ربما وجد في ثنايا كتبه أوراقا وورودا وأشرطة من زميلاته اللاتي نزعن جلباب الحياء عياذا بالله ، ومع هذا فقد ثبّته الله ، فكان يمزق هذه الأمور شرَّ ممزق أمام ناظرِيه .

وهذا الأمر أوجد في نفسه شعورا صلبا وعزيمة قوية ، فأطلق لحيته وراقب نفسه أكثر من ذي قَبْل وصار يُعدُّ في عِداد الملتزمين ، وهذا من العجائب في زمن كثُر فيه الهالكون وتساقطوا شذر مذر مما يكابدون من الفتن تجد نفوسا مطمئنة لذكر الله تزيدها هذه المحن إيمانا وإسلاما ، بل وربما لا تجد ملجئا إلا الله فتفزع إليه .. والله يحب التوابين ويحب المتطهرين.

أراد \"إبراهيم\" إعفافَ نفسه وإغلاقَ الباب الذي يأتيه منه الشر والبلاء .. فصار يبحث ذات اليمين والشمال ..
وحتى يعين نفسه وأهله عمل في محالَّ الأحذية فكان لا يذوق طعم الراحة بل ما إن يفرغ من الجامعة حتى يكابد العمل وما إن ينتهي من العمل حتى يكابد نفسه على غَدِه .

وفي صباح أحد الأيام جاء إليه رفيق يدعى الزيات وقال إني رأيت فيك رؤيا عجبا !!
قال \"إبراهيم\": وما رأيت؟
قال : رأيتك في مكان زاهر خَضِر فيه أنواع الرياحين والورود وعلى يمينك امرأة فسألتك من هذه ؟
فقلت : هذه زوجتي .
فاستبشر \"إبراهيم\" من رؤيا صاحبه ومنّى نفسه الأماني .

وذات يوم وبينا \"إبراهيم\" يبتاع ويشتري في عمله ، دخل عليه رجل عليه سِيما الخير وخلفه ثلاث نسوة ، فصعّد \"إبراهيم\" نظره فيه وصوّبه وكأنه عرفه، وبعد السؤال ظهر له أنه درسه في صِغره وسأله عن نسبه فإذا هو من عائلة الزيات فاستعجب \"إبراهيم\" واستذكر صاحبه حين رأى فيه رؤياه .. والأعجب من ذلك أنه حينما دخلت إحداهن المَحلَّ همس هامس في أذنه : هذه زوجتك ..

وما كاد يُخرج هذا الرجل قدمه من المَحل حتى اتصل بصديقه وسأله عن هذا الرجل وبعد البحث والتنقيب عرفه ..
فقال \"إبراهيم\" لصديقه إن مع هذا الرجل نسوة وإني أريد خِطبة إحداهن ..
قال كيف ولم تعرف الرجل ولا أهله ولا شيئا فيه .
قال إني اطمئننت إليه والكتاب من عنوانه .

فهاتف صاحبه هذا الرجل وقال أتعرف المكان الذي اشتريت منه أحذيتك وباعك فيه شخص من صفته كذا وكذا !!
قال : نعم، لعلي لم أدفع ثمن ما اشتريت أو أكلت حقه أو شيئا من ذلك .
قال : كلا ، وما هذا الرجل إلا خاطب يريد ابنتك فكن خير ءاخذ .
قال : كيف ولم يعرفْنا ولم يُفتش عن حالنا ، ومع هذا فإني لست بِرادٍّ هذا الرجل ، فما صفته ؟
فوصف له حاله وشأنه وعمله بل وقلة ماله ،،
فلم يلتف هذا الرجل إلا إلى دينه وأمانته ،،
فأخذ رقم هاتف \"إبراهيم\" وكلمه وقال له : إن رزتنا فمرحبا بك وسهلا .

فامتلأ قلب إبراهيم فرحا وما كاد يسدل الليل سِتاره حتى كان عنده ...
وفي طريقه إلى والد الفتاة اختلطت الأماني بشيء من الغُصص ، وسأل نفسه كيف اجترأت على هذا الأمر وأنا لا أملك شيئا ، فكيف لو سألني مهرا كبير وأثاثا عظيما فما عسى أن أقول له ، وما زالت وساوس النفس تراوده وتؤذيه حتى طرق بابَ والد الفتاة ..

فابتسم هذا الوالد في وجه \"إبراهيم\" ابتسامة مشرقة أزالت كثيرا من الضباب الأسود الجاثم على قلبه .
وإني أسائلك أيها القارئ ما تظن أول سؤال طرق سمع \"إبراهيم\" ؟؟!! ربما الإجابة واحدة عند الجميع : \"العمل أو المال أو الشهادة\" .. وجوه لعملة واحدة .

إلا أنه أول ما اختبره به أن قال : كيف أنت والصلاة ؟ هل أنت محافظ عليها ؟ وكيف حالك مع والديك وأهلك ؟
فأجاب \"إبراهيم\" بما يدين الله به .
فقال له الوالد إن لي ابنتا في الجامعة ولا بد من سؤالها وأخذ رأيها فإن هي رغبت فيك أو عنك سأخبرك .
ومضى يوم ويومان وأسبوع وأسبوعان ولم يجئه خبر ولا اتصل به أحد حتى أقنع نفسه بالعزوف عنهم .

ومذ إلتزام \"إبراهيم\" أبعد نفسه عن مواطن الشبهات والشهوات ..
وفي صباح الأربعاء أخبرته أمه بأن عرس أخيه غدا ولا بد من حضوره .
وفي عرس أخيه ما يكون في أعراس الناس إلا أن فيها الغناء ، فامتنع من الحضور ، ونصح أخاه ووعظه ، وقال له : لا تجعل أول يوم من أيام سَعدك يُغضب الله .. وما زال يذكر حتى أرسل أخاه دمعه من عينه وقال : ما حيلتي والناس لا يعرفون غير هذا وإني مستغفر الله على ذلك .

وجاء يوم الخميس يسعى فأفل الصبح وارتقب الناس المساء و\"إبراهيم\" في عمله ، وأهله يجهِّزون جَهاز أخيه ليوم زفافه .

وزوَّر \"إبراهيم\" في نفسه أن لا يرجع إلى أهله فانهالت عليه الاتصالات يرغِّبون ويرهِّبون فأعرض جانبا .. وبينما هو يحادث نفسه وقد اسود َّ ظلام الليل ورقد الناس إلى مضاجعهم ولم يبق أحد في السوق غيره إذ بوالد الفتاة يتصل عليه ..
قال أين أنت ؟ قال \"إبراهيم : أنا في العمل .
فتعجب من مكوثه إلى هذا الوقت وقال له ها أنا قادم عليك فجاءه ومعه طبق من الحلوى وكان إبراهيم قد ركض يأتيه بفاكهة فيها ألوان الطيف علَّ هذا الوالد يجد من بين هذه الألوان لونا حسنا يؤنسه .
فسبحان الله ، ما ترك عبد شيئا لله إلا عوضه خيرا منه .
فهذا \"إبراهيم\" هجر مكان أهله ليقاسي الوحدة فآنسه ربه وملأه سرورا .

كان من دعاء \"إبراهيم\" أن يرزقه الله زوجة صالحة ، ومن رجاءه أن يرزقه :ءاية.
فكان اسم ابنت هذا الرجل :ءاية ، وهذا من الغرائب .

فقال هذا الوالد : تعال أنت وأهلك ننظر في الأمر ، فإن رأيت ما يعجبك فنعمّا هو .
فأخبر \"إبراهيم\" أهله بالأمر –ولم يكن عندهم سابق علم- فلم يقبلوا منه ذلك فما كادوا ينتهون من زواج أخيه حتى جاء يطلب ما يثقلهم وهو لا يملك من الدنيا شيئا !!

إلا أنه أصر إلحاحا وامتعض منهم امتعاضا حتى خضعوا له وسلموا بالأمر .
ومن حق الفتاة ان تشرط على زوجها ما تريد ، فقال هذا الوالد إن ابنتي شاعرة وقد أتتك بمطالبها بقصيدة ..
فتلجلج \"إبراهيم\" واسترجع الشعر كله وقال : قصيدة !! وما عسى أن يكون فيها !!
فدخلت عليه الفتاة وبدأت في إلقائها ، وكان عنوانها :

أحلام مسلمة
تقول فيها :

أريد من الرجال كثير تقوى يُزيِّن قلبَه حبُ الصلاة
إذا نادى الإمام إلى صلاة تراه ملبِّياً كالأفق آتي
يطيع محمد ويحب صحبه ويختار الرفيق من التقات
وبين تواضع يحلو بدين تراه اختار خير المكرمات
وداعيةً له علم وفقه وحُر لا يبالي بالطغات
حَيِيُّ الطرف لا يرضى بعين تورايها جميع المغريات
يحب إلهه حبا عظيما فيعرض عن لذائذَ ناقصات
يزينه جمالٌ واعتدال يزيد بقلبه عزم الثبات
يزينه جمال الروح حتى ينال بقلبه كل الهِبات
تراه بنصف الليل يصحو ويوقظني لكسب الحسنات
ويدعوني إلى حفظ كتاب عظيم شافع يوم الوفاة
ويغرس في عروقي حبَّ ربي ويسلك بي طريقا للنجاة
يساعدني على مرضاة ربي ويعلو بي لأرقى المكرمات
فهذا من به أحلم دوما وفي قلبي كأغلى الأمنيات

فارتج على \"إبراهيم\" وأراد أن ينشأ معلقة كعمرو بن كلثوم
\"ألا هبي بصحنك فاصبحينا \"
ولكن الشاي قد حضر فكتمها في نفسه ....
وتم الإيجاب والقبول ، وكان مهر الفتاة رقما سجُل في مهور الصالحات اللاتي قال فيهن النبي صلى الله عليه وسلم : \"أيسرهن مهورا أكثرهن بركة \"
فما تمّ حول كامل حتى أنشأ إبراهيم بيتا عمل فيه بيده كي يخفف عنه المؤونة ، ثم تزوج بعدها وهو الآن قد رزق ببنتين كالورد جمالا وحلاوة وعمل لنفسه مصلحة يترزق منها، فانظر أخي عاقبة العفاف والاعتماد على الله ولا تسئ الظن به فنعم المولى ونعم النصير هو .

وفي ختام هذه القصة آمل أن تكون فيها عبرة للمعتبر وعظة للمتعظ .
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم .

 

" ماتت وهي تغني "


قال تعالى:
[كَلَّا إِذَا بَلَغَتْ التَّرَاقِيَ وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ وَظنْ أنهُ الفراقْ] القيامة

أخي .. أختي .. سوف تتذكرون هذا الكلام ولكن على أي حال ؟؟
هذه إحداهن كانت بالمستشفى تتحدث ... تتحرك
آخر من كشف عليها أنا حين نزعت السماعة من أذني

إذا بها تقول بالحرف الواحد
لو تكرمتم ماهي نتيجة التحاليل ؟؟ لإننا قد مللت من الجلوس في المستشفى

متى سأخرج ؟

فأرسلنا تحاليلها للمختبر في الأرض.. وأرسل من في السماء من بيده ملكوت كل شئ رسولا لايعصيه له أمرا
ماهي إلا لحضات العينة تُفحص أسفل في المختبر وملك الموت عندها في الغرفة
لحضات وأنا اقلب ملفها خارج الغرفة

إذا بالممرضة تأتي بسرعه فزعه قالت : أسرع و أنظر

فلما دخلت الغرفة رأيت فتاة غير التي رأيت

التي رأيت قبل قليل تحرك اليدين وتقول قد مللت !! ومتى سأخرج ؟؟

هذه الأيادي التي أُرسلت ثم أُقبضت والله مارأيتها إلا تعطلت
اللون شاحب .. والبصر خاشع شاخص..الأطراف ممدة .. الشفاه ترتعش

نظرة سريعة لجهاز المراقبة إذا
بنبضات القلب كانت 80 -62- 45
ضغط الدم ينخفض
 
بدأت أرى معالم الفراق في وجهها

خشيت أن تُغلق الصحيفة بغير لا إله إلا الله

كما أُغلقت الصحف من قبلها 24 حاله و الذي نفسي بيده لم يقل لا إله إلا الله إلا واحده
لا تستعجب الآن ولا تجرب بإستطاعتك الآن أن تقول مليون مره

الموعد ليس الآن .. فأسرعت قلت: لا إله إلا الله . وإذا بالشفاه ترتعش كأن عليها جبل لا تُزحزح

ترتعش بلا أحرف. كررتها ثانية , الثالثة . ما بقي إلا عدة نبضات خشيت أن تُغلق الصحيفة بغير لا إله إلا الله

أسرعت عند إذنها ياأخوان لقنتها بالمره هذه تلقين قلت قولي لا إله إلا الله والأحرف تخرج
لما كررت عليها واشتد عليها النزع و إذا بالمرأة تُعاني السكرات
الحنجرة تدخل وتخرج وإذابالنزع يشتد
فماهو الملك ينزع الروح إلا و بدأت اسمع حجرشة
وبعض الحروف تخرج
كررتها لا إله إلا الله
سمعت أحرف وصوت متحجرش هل كانت لا إله إلا الله ؟؟

لا والذي نفسي بيده

والروح تنزع والصوت المتحجرش يغنى ملحن بصوت متحجرش وإذا بها تغني بيت حتى لا يدعها تكمل البيت الثاني إلا والروح قد خرجت من المستشفى

ماتت هل تعرف آخر صفحة في السجل سجل حياتها ؟

آخر صفحة غنت قبل أن تموت

ستُعرض على الجبار يوم القيامة مغنية . طبعا لا نعرف معنى هذا الآن ..

هاهي الآن لها قرابة السنة تحت الأرض .

والله لو تصطرخ في كل يوم .. وتعض الأصابع .. وتبكي الدم

ربي أخرجني والله لا اسمع إلا ما يرضيك ولا أرى إلا ما يرضيك وأقوم الليل لا أنام وأصوم النهار حتى أموت

هل ترجع ؟؟
 
(وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)

قال رسولنا عليه الصلاة والسلام كلمات عربيه ونحن عرب و ياليتنا نعي بقلوبنا لا بأسماعنا

قال رسولنا عليه الصلاة والسلام
(من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنه )

ضع تحت آخر كلامه 20 خط لم يقل رسولنا عليه الصلاة والسلام
من كان أول كلامه
ولم يقل من كان أوسط كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة

لأنهم أمم يقولها في الأول ويقولها في المنتصف وآخر فرض لحق عليه فوق الأرض رفع السبابه في التحيات وقال اشهد أن لا إله إلا الله
حرك السبابة وحرك الشفاه وقلبه لم يتحرك
فهيهات هيهات
أحدهم أسمه محمد على محمد صلى الله عليه وسلم
والآخر خالد على خالد بن الوليد

لم تنفعهم أسمائهم
يا غافلا والموت يطلبه
وغِشاوة الشهوات تحجبه
كم تضحك الدنيا لذي أمل
وبهائج النعماء تعجبه
حتى غدا في عشقها مثلا
للناس في الأحداث تضربه
قف يا أخيَّ بباب مقبرة
وسل الملحّد أين مركبه


قــلب الأم


في بيت متواضع البناء ، يطل على حقل القمح بلونه الخلاب وتلـُفه الأشجار، وبعض الورود التي تكسو المكان بجمالها .
يعيش خالد مع أسرته الصغيرة .
تعود من أمه التلقين لآيات القرآن مع نطقه للحروف الأولى ،
وأخذ يحاكي والديه بأداء الصلوات منذ تحركت أعضاؤه خارج مهده الصغير .
على أعتاب المرحلة المتوسطة ، بدأت أمه حصاد تعبها ، وحرصها عليه ..
وفي ليلة أوت إلى الفراش ، بعد المعاناة من العمل بالمنزل طيلة النهار ، مع مراعاة واجبات خالد ومتطلباته .
الوقت بعد منتصف الليل ، وقبل الفجر . استدعاها التعب للتقلب في فراشها ،
وفي لحظتها شعرت بهمس أقدام خالد بصالة المنزل . نفض النوم نفسه من عينيها . فتحت جفنيها على أقدام خالد وهو يدخل غرفته . الوقت متأخر ، طردت الخواطر المتزاحمة نومها : لماذا يقوم من نومه هذه الساعة ، وما عهدتها عليه ؟ آااه . لقد كبر خالد . لقد أفسد أصدقاء السوء ما تعبت من أجل ثباته عليه .
تــُـرى هل قام هذا الوقت المتأخر لمشاهدة التلفاز ؟؟ ما عهدته مشاهدًا لمُحـرمات .
ألا يمكن أن يكون أحد زملائه بالمدرسة أعطاه شريط فيديو ، وظن أن أنسب الأوقات لمشاهدته ونحن نيام ؟؟
لا.. لا . إنه من المؤكد التليفون . إنه على الأرجح سيتصل بـــــ ....... . لا .
خرجت الخواطر تدفع مشاعرها دفعـًا ، وما برد قـلبُها إلا بدمعات حزينة مفعـمة بالحب والخوف على ولدها خالد .
يــاااه . للمرة الأولى أشعر أنه كبـر .
أين حصاد السنوات من التوجيه والتربية . ترى هل قصرت معه ؟ هل يمكن أن يضيع كل ذلك في وقت قصير ، على غفلة منا ؟؟
كل هذا الشعور وغيره تدفق في لحظات قصيرة ،
تدفق وهو مشوب بالألم الذي اعتصر قلبها عندما ظنت أنها سترى ابنها في لحظة الضعف ، وما كانت تظن أن ترى ما تعيشه الآن .
استجمعت قواها النفسية ، وسحبت جسدها المثقل من سريرها . كتمت أنفاسها ،
وأخذت خطوات قصيرة نحو غرفة خالد . وقد أعياها التفكير :
هل أفتح الباب عليه دون استئذان ؟؟ لا .. لقد عودته أدب الاسلام بالاستئذان .
ــ هل أصـيح به بصوتٍ عالٍ ليعرف الجميع لوعتي وحسرتي ؟؟ لا .
إنه الموقف الأصعب الذي أتعرض له .
كل ذلك ورجلاها تقتربان من الباب . استجمعت أنفاسَها ، اقتربت من باب غرفة خالد فما شعرت إلا بيدها على مزلاج الباب وقد أصابتها رعشة استمدت قوتها من ضربات قلبها المتتابعة .
نظرت فوجدت نظرها وقد استجمع أركان الغرفة كلها في لحظات .
أقدامها على عتبة الغرفة . لا أثر لحركة بالغرفة . النور خافت .
لم تشعـر إلا وقد أيقظها صوتها العالي بترديدها : الحمد لله .. الحمد لله ...
لقد وجدته فوق سجادته يصلي ركعتين قبل أن يؤذن المؤذن لصلاة الفجر.


مدمن مخدرات تعرفت عليه

طريق المخدرات دمر حياتي

محمد شاب في بداية العقد الثالث من عمره تعرفت عليه العام الماضي عندما دخل يصلي في المسجد صلاة المغرب ، بعد الصلاة جلست في ناحية من نواحي المسجد لذكر الله فجاء هذا الشاب و سلم علي و رأيت في وجهه كل علامات البؤس و الغم و الحزن

قال لي بصوت حزين: أريد أن أتكلم معك في أمر لم أجد من يساعدني على تركه و على لزوم الطريق المستقيم و لقد رأيت في وجهك الخير فأرجو أن تسمع مني

قلت له : تفضل و إن شاء الله قد اجد لك حل

قال لي : أنا مدمن مخدرات منذ زمان طويل و لم اركع لله ركعة في حياتي و أقترفت كل أنواع الحرام من الزنا و غيره حتى وصلت إلى مرحلة من الغم و النكد ، أنا أعمل عامل في مخزن أنابيب و من شدة ذنوبي و معاصيي لا أنجز عملي بما يرضي الله فماذا أفعل ؟ كلما تقدمت خطوه إلى الأمام في طريق الصلاح يقف لي أصدقاء السوء بالمرصاد اريد أن أجد مخرج و لا اتمكن

قلت له بعد أن رايت الياس و القنوط عليه : إن الله غفور رحيم و يتجاوز عن عبده إذا تاب و أناب يجب عليك لزوم المسجد في وقت فراغك ، متى تنهي عملك ؟

قال لي : قرابة المغرب بقليل

قلت له : إذا حاول أن تلزم المسجد من بعد المغرب إلى ما بعد صلاة العشاء و في هذه الفترة أجلس في خلوه مع الله و أستغفره و تب إليه و أسترجع دائما و أقرأ القرآن

قال لي : أنا لا أعرف القراءة و لا الكتابه فأنا أمي

قلت له : ليس لدي مانع أن أساعدك على ذلك أو أدلك على من يساعدك

إنتكاسه مرة أخرى


واظب هذا الشاب على الصلاة لفترة لا تتعدى الأسابيع و بعدها أختفى تماما عن المسجد و لم أعرف له مكان

ذات يوم خرجت من البيت متأخر للذهاب إلى الكلية و كنت في عجلة من أمري فقدر الله ان أجد هذا الشاب يعمل على ــ توك توك ــ سائق فركبت معه و سألته عن سبب تغيبه عن المسجد

قال لي : و الله أعرف أني على معصيه و خطأ و لكن أصدقاء السوء يتربصون لي لقد رجعت لشرب الخمور و المسكرات اكثر من الأول

قلت له : أنا سأقول لك كلمه و فكر في الأمر مع نفسك ، أنت أمامك طريق للجنة و طريق للنار فاختر أي مكان تريد أن تذهب إليه أنت شاب بالغ عاقل لست بطفل فكر جيدا في الأمر وأعلم بأن الموت قريب منك

عندما أوصلني إلى المكان الذي أريد وجدت عليه علامات التأثر و رايت الدموع تتحجر في عينيه و قال لي : سأقابلك اليوم في صلاة العشاء

عودة من جديد و عهد أمام الله


هذا الشاب أنصلح حاله بعد ذلك بطريقه لم أعدها في شخص أمامي من قبل ، يحرص على الصف الأول بطريقه عجيبه عندما يسمع الأذان تجده في المسجد و أجده دائما في صلاة الفجر يوميا دون تأخر على الصلاه و والله لقد رأيت وجهه غير وجهه الأول الذي كنت أراه وجه مضئ كالقمر و إبتسامه تعلو وجهه دائما


عاهدت هذا الشاب أمام الله أن اقف معه على طول الطريق و أن لا أتركه و لو لحظه لتزل قدمه مرة أخرى

مواقف ابرهتني من هذا الشاب أحتقرت نفسي عندما رأيتها منه


هذا الشاب و هو حديث عهد بهدايه و تعرف على طريق الله و رغم أنه غير متعلم و أمي لا يعرف شئ لا في القرآن و لا السنه و لا يعرف أحكام دينه إلا أنه دائما ما يرجع إلى الحق من أول كلمة

جلس بجانبي يوما و قد أخرج هاتفه المحمول من جيبه و قال لي : هل الأغاني التي على الموبايل قد اعذب بسببها لو مت و هي على موبايلي؟

قلت له : طبعا قد تحاسب عليها حساب أليم

فمجرد أن قلت له ذلك قام بحذفها ملف خلف ملف دون أن ينطق بكلمه واحده يجادل فيها ثم أتى إلى اليوم الثاني ليقل لي هذا المحمول عليه القرآن كامل و أكثر من خمسين شريط للشيخ محمود المصري اسمعهم و أنا أعمل حتى يخفف عني تعب الشغل و الأرهاق

في اليوم الاخر قال لي : هذا رقم محمولي أتصل علي صلاة الفجر دائما حتى لا تضييع الصلاه و لا تتركني حتى أستيقظ

وقفات و عبر يا ليتنا نعمل به


أولا :
هذا الشاب كان في قمة الغي و الضلال و مع هذا فأنه تقبل النصائح لأنه يعرف أن هذا طريق النجاح و الفلاح

ثانيا :
هذا الشاب غير متعلم و جاهل فلا يعرف شئ لا في دين و لا في دنيا إلا الأكل و الشرب و فقط و مع هذا فقد كان مثال الخلق الرفيع في السماع و الأنصات و تقبل النصح و الأرشاد

ثالثا:
هذا الشاب نادر أن تجد مثله بأن يجادل و يدافع عن ضلاله لأنه متأكد أنه على حرام فلم اجد منه تبرير لأفعاله القبيحه من ترك الصلاة و شرب الخمور و الزنا مطلقا

رابعا :
هذا الشاب فتح قلبه ليحكي همومه لرجل غريب عنه و لا يعرفه حتى يجد ضالته فلماذا نجد شباب متكبرين متغطرسين لا يفتحوا قلوبهم لغيرهم من الأهل و الأقارب و الأصدقاء و يبحثوا عن المخرج من المعاصي و التفريط في الدين

و في الختام


فإن و الله ما كتبت هذه الكلمات لا رياء و لا سمعه و ربي يشهد على ذلك بل كتبتها حتى تكون هذه القصه نبراس للجميع و حتى تكون عظه و عبره لمن تكبر على من يناصحه و أعتبره مريض و يتدخل فيما لا يعنيه و لقد نسى هذا المسكين أن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فرض و واجب على كل مسلم و مسلمه حاله حال الصلاة و الصيام فلا يجوز السكوت و لا كتم الحق مهما يكن

فإني أقول سيظل هذا الدين عزيز شاء من شاء و ابى من أبى و لا نكون مهادنين لمن أرادوا أن يفسدوا فيه أو يفرطوا في أحكامه و شرائعه و أن ينتهكوا أعراضنا نحن لهم بالمرصاد و سنجاهدهم بالكلمة لآخر رمق قي حياتنا حتى لو وصفونا بالتخلف و الرجعيه و المرض و الغباء

نسأل الله لنا و لكم الهداية و السداد

أحزان الغروب


بينما كانت الشمس تشرع في رحلة الرحيل، وقف ذلك الشيخ المسن وهو يذرف دموعه في صمت مودعًا جثمان زوجته بعد زواج استمر أربعين سنة اتحد فيها قلباهما وعقلاهما ومشاعرهما، وما إن دخلت قبرها حتى شعر بأن الدنيا بأسرها قد أٌقبرت، وكأن شمس حياته قد أفلت، فأجهش بالبكاء حتى لم تعد تحمله قدماه، فامتدت إليه أيدي أبنائه الثلاثة تقيمه، فاحتضنوه واحتضنهم تمتزج منهم جميعًا الدموع والأنات في مشهد يفيض حزنًا، ثم أقفلوا بعدها عائدين إلى بيت الأسرة يجترون أحزانهم.
وما إن دخل الدكتور/ أحمد مختار منزله حتى بدأ التجوال في أنحائه، وكأنه يتبادل الرثاء مع كل قطعة وناحية فيه، يستعيد خلالها الذكريات في ظل سيل من نظرات الشفقة من أبنائه، ها هو سيقاسي آلام الوحدة بعد حياة كانت عامرًة بالأصوات والهمسات والضحكات، ففي هذا البيت أرسى قواعد حياته الزوجية وعاش الحياة بحلوها ومرها بصحبة الزوجة الحنون، وفي هذا البيت أتى إلى الحياة محمود ومها وهالة، ترعرعوا فيه أمام ناظريه، حتى ذهب كل منهم إلى عش الزوجية الجديد، وصار لهم أبناء لم يكونوا في قلب الجد أقل مكانة من أبنائه.
أبي، شق محمود السكون بهذا النداء، فاستطرد: لقد اتفقنا على أن يكون الغروب موعد لقائنا هنا كل يوم، ومها وهالة سوف يقتسمان أمر العناية بشؤون المنزل بالتناوب.
مها وهي تبكي: لن نتركك وحدك يا أبي، لن ندعك للوحدة يا أغلى الناس.
هالة وهي تحتضنه: حان الوقت الذي نرد فيه شيئًا من المعروف.
فلم يعلق الأب على الكلام، وإنما نظر في صفحة خياله بصمت شارد إلى مشهد الغروب.
ظل لقاء الغروب فترة من الزمن روضته ونور حياته، وكأن الشمس التى تأفل عن الخلق تشرق له وحده، فيقضي أجمل اللحظات بين أبنائه وأحفاده، ثم ينصرفون عنه يحدوه الشوق والأمل إلى الملتقى القادم.
ثم بدا الغروب وكأنه يتمرد عليه، فيومًا يأتون ويومًا يتعللون، فتحين لحظة الغروب تحمل كثيرًا من الآلام، آلام ذبح الأمل، وآلام الذكريات، فيجلس يداعب قطه الجميل ويستخرج شريطًا يضعه في ( الكاسيت ) ليستمع إلى ما كان يسجل من أحاديث لرفيقة دربه، فتنساب دموعه، ثم ينهض ويطعم قطته ويتجرع مزقة لبن، ثم ينام وينام القط بجانبه.
أما زالوا يأتون؟ نعم يأتون كل أسبوع في عجالة، وقد افتقد اللقاء تلك الحرارة وذلك الاهتمام، وصار فاترًا ينظر كل منهم إلى ساعته من حين لآخر، وعينه ترقبهم فيبادرهم قائلًا: هيا يا أبنائي لقد تأخرتم، فيودعونه وهو لا يعلم ماذا سيحمل له الغروب في الغد.
غروب وراء غروب ومشهد الأب في شرفته ينتظرهم فيقرع جرس الهاتف سمعه، فيسير إليه بخطى تبدو عليها آثار السنين: أبي: أعتذر لن أتمكن من المجيء الليلة أيضًا، فيجيب الأب لا عليك يا حبيبتي، الطعام في الثلاجة كثير لا تنشغلي، ولكن هل ستأتي مها؟ تجيب: مها اتصلت بي، وقالت أنها تساعد ابنتها في دروسها فلديها امتحان في الغد، ومحمود لا أعلم هل سيأتيك أم لا؟
لا عليك يا ابنتي كان الله في عونكم. ويرفع سماعة الهاتف ليتصل بـ محمود: محمود حبيبي ألن تأتي؟ فيجيب: عفوًا يا أبي قد نسيت الموعد وارتبطت مع زوجتي وأبنائي بموعد للنزهة، أنا آسف يا أبي، فيرد الأب: لا عليك يا حبيبي نزهة سعيدة إن شاء الله.
شعر هذه الليلة بأنه لا يستطيع السير على قدميه إلا بصعوبة بالغة، قام إلى الحمام وهو يترنح، ويستند إلى الحائط، فارتعشت قدماه وسقط على الأرض مغشيًا عليه، فأفاق ولم يستطع الوقوف،وظل يزحف حتى يصل إلى الحمام، لكنه لم يتحمل.
اندفع الماء بين رجليه رغمًا عنه، تسيل معه دموع من عينيه لم تكن يوما ما بهذا القدر، ونظر إلى قطه الذي يقف ناظرًا إليه، فتمنى لو أنه توارى عن عينيه خجلًا، ثم نظر إليه وكأنه يشكو إليه ما آل إليه حاله.
ظل أبناؤه معه أسبوعًا حتى بدأ يتماثل للشفاء، فتناهى إلى سمعه حديثهم وهم في الغرفة المقابلة:
محمود: لابد وأن نضع حلًا جذريًا لهذا الأمر، أنا كما تعلمان كثير المشاغل والارتباطات، وأنت يا مها احتياجات أبنائك كثيرة، وأنت يا هالة عملك وبيتك يستنزفان وقتك.
مها: حتى اللقاء الأسبوعي الذي استقر عليه الأمر أصبحت لا أجد له وقتًا.
هالة: وماذا عن خادم يقيم معه؟
محمود في توتر: ومن سيدفع أجره؟
مها: إنني لا أعمل، ودخل زوجي محدود، ولدينا أربع أطفال.
هالة: وأنا راتبي وراتب زوجي بالكاد يكفينا.
محمود في صوت مرتفع: إذا لا يبقى إلا أنا؟ أليس كذلك؟ ألا تعلمان أني أسعى لشراء عيادة جديدة في مكان أفضل بدلًا من عيادة والدي القديمة، وفي سبيل ذلك ضيقت على أسرتي في النفقة؟
مها: وماذا عن معاش والدي؟
محمود: لن يكفي للنفقة وأجرة الخادم، والتي تعلمون أنها قد ارتفعت جدًا في هذه الأيام، بالإضافة إلى مساهمته الشهرية بجزء من دخله لكفالة الأيتام، وهو مالا يتنازل عنه أبدًا، ولكن عندي حل.
مها: ما هو؟
محمود: دار المسنين، حيث الرعاية الكاملة التي لن يستطيع أي منّا القيام بها.
تبادل الجميع النظرات في صمت لم يشقه إلا طرق الباب، كان الطارق هو والدهم الذي كان يتصنع ابتسامة تخفي وراءها الأنين، فقال بصوت واهن: أحبائي لقد اتخذت قرارًا لن أقبل فيه المناقشة، سوف أقيم في دار المسنين، ثم ولّاهم ظهره قاصدًا حجرته وسط نظرات صامتة من أبنائه.
وهناك في دار المسنين، كانت الذكريات زاده وأنيسه، ينتقي أطايبها ويعتنقها فرارًا من واقعه، وبالرغم من الرعاية الكاملة، وكثرة النزلاء حوله، إلا أنه كان يضرب حول نفسه سياجًا من العزلة، ولم يفته مشهد الغروب، لم يكن يدري ما سر هذا الارتباط بينهما، هل ينتظر أملًا جديدًا؟ أم أنه قد استعذب آلامه؟ حقا لم يكن يدري.
وفي يومه الأخير، بينما كان يودع الشمس ويستقبل مزيدًا من الأحزان، شعر باختناق شديد، فظل يهذي: سأموت نعم إنه الموت، سأفارق الحياة، ستكون نهايتي هنا في دار المسنين، بعيدًا عن بيتي الذي عشت فيه دهرًا مع أهلي وأحبائي، وظل شريط الذكريات يمر أمام ناظريه والألم يزيد والتنفس يزداد صعوبة وكأنه يتنفس من ثقب إبرة، ثم..........
أحمد، أحمد: قالتها زوجته وهي توقظه في هلع لما رأته يمسك برقبته ويتألم وهو نائم، فانتفض قائمًا أنت ...أين أنا؟ قالت: أنت في بيتك، مع زوجتك وأولادك وأمك، قال: أمي أمي.
أين الهاتف، فأتصل برقم ما قائلًا: نعم أنا الدكتور/ أحمد مختار، أود إلغاء الطلب الذي قدمته لكم بشأن والدتي، ثم هرع إلى غرفة والدته العجوز،فلما رآها ارتمى في حضنها وقبل يديها وقدميها ورأسها، سامحيني يا أمي سامحيني، قالها والجميع ينظرون إليه في دهشة فلم يكونوا على علم بما كان ينوي فعله، ثم انتشله من الموقف مشهد الغروب، فوقف يتطلع إليه في شرود


إذا صَـدَقَ الـقَـلـب..!


حَزَمت "نَبيلة" أمتعتها استعدادًا للعودةِ إلى أرض الوطن، فلمْ يبقَ على حلولِ شهر رمضان المبارك سوى يومين، وهي حريصة كل الحرصِ على قضائه في ديارها بين أهلها وجيرانها والأصدقاء، فلشهر رمَضان حضور مميَّز في بلادها، تفرح بمجيئهِ المساجد ودور الأيتام وقلوب المؤمنين، فتتمايلُ حبًّا وخشوعًا وحَنينًا.
اسْتَقبَلت الشَّهر الكريم بابتسامةٍ ودمعَةٍ، وكانت في سِباقٍ مع الوقتِ للانتهاءِ مِن ترتيبِ البيتِ وتهيئةِ الأجواءِ لتكونَ أكثر استقرارًا، لكي تَنعم بزيارة ضيفها العزيز، فما أسرع تَعاقب الأيام وانْطِواء الليالي!
نظَّمت جدول العبادات فيما بينها وبين نفسها، متأسيَّة برسول الله ـ صلى الله عليه وسلَّم ـ، فقد كان يكثر فيه من الطاعات، ويجدُّ ويجتهد، وكان كالريح المرسلة في جوده وكرمه، لا يمسك فيه شيئاً.

" يا حسرتى..!
لقد بدَّدنا الكثير مِن المال أثناء رحلة سفرنا الصَّيفيَّة، ولمْ أدَّخر شيئًا لأتصدَّق به في هذا الشهر الكريم، وإني لأستحيي مِن أن أمدَّ يَدي لوالدي وأطلب منه مصروفًا استثنائيًّـا."

هطل النَّدم على قلبها كهطول الوابل الصيِّب، فقد أحبَّت الصَّدقة واتخذتها ذلك الخبء من العَمل الصَّالح الذي بينها وبين خالِقها، فاحتفظت بحصَّالة صَغيرة بين أشيائها لكي لا تصل إليها عيون الفضوليين، فيكثرون الأسئلة فتتلوَّث النَّـوايا بشوائب الرِّياء.
أخذت تفكِّر بطريقة مَشروعَة لكسبِ مالٍ حَلال تنفقه في سبيل الله في هذا الشَّهر الكريم، فلمْ تهتدِ، فبكَت ودعَت الله ألَّا يحرمها فضل الصَّدقة في هذا الزمن المُبارك بسبب ذنوبٍ خفيَّـة..!

ذات مساء، أثناء تجوالها في كتاب (رياض الصَّالحين) قرأت حديثًا أزاح عنها بعضًا من الحزن الذي سكن فؤادها على صدقتِها المقيَّدة، فعندما يتعلَّق القلبُ بإحدى العبادات إيمانًا ورجاءً يصعبُ عليهِ ـ بعد ذلك ـ تركها، أو نقض عهده معها..!
عَنِ النَّبِيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، أَنَّهُ قَالَ: «يُصْبِحُ عَلَىٰ كُلِّ سُلاَمَىٰ مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ. فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ. وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ . وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ. وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ. وَيُجَزِئ مِنْ ذٰلِكَ: رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَىٰ».

" سأجتهد قَـدْرَ استطاعتي بَل أكثر.. اللهم عَونَـك"

يرن جرس الهاتف، فترفع السَّماعة وتجيب المتَّصل...
- السلام عليكم.
- وعليكم السَّلام ورحمة الله وبركاته، مرحبًا بشقيقتي الغالية.
- ألا تريدين الذهاب إلى السُّوق لشراء ملابس العيد؟
- لقد اشتريت ثوبًا جميلا أثناء سفري لهذه المناسبة السَّعيدة.
- لم تخبريني بالأمر! هل وارَيتِه عن الأنظار كما يفعل الأطفال!
- نعم، ليكون مفاجأة.
- وماذا عن العباءةِ والحذاء وغيرها من الحاجيات.
- سأسأل الوالد وأستأذنه، ثم أخبركِ إن شاء الله.
- هل عادَ والدي مِن صلاة التَّراويح.
- نعم، وينتظر "القطايف" وفنجان القهوة.
- حسنًا، لا تتأخري عليَّ برد الجواب، لا أريد تأجيل الأمر، فكما تعلمين العشر الأواخِر على الأبواب، ولابد من التَّـفرغ للعبادة.
- بلَّغنا الله ليلة القدر، ومنَّ علينا بالعِتق.
- اللهم آمين.

اجتمعت الأسرة حول "صحن" القطايف وفنجان القهوة في جلسة عائليَّة حميمَة، فقالت "نبيلة" على استحياء:- والدي الحبيب، العيدُ قاب قوسين أو أدنى.
ابتسم الأب الحاني وأدرك مغزى الكلام، وردَّ ممازحًا: - كل عام أنتِ بخير يا ابنتي.
- وأنت بخير وصحة وسلامة..!
- والعيد لا يحلو إلا بلبس الجديد، أليس كذلك؟
- بلى، بلى، يا أجمل أب.
- ماذا تريدين؟
- شراء عباءة جديدة وحذاء ـ أكرمك الله.
- وكم تريدين؟
- ما تجود به نفسك، مع جزيل الشُّكر وخالص الدعاء.

لمعت في رأسِها فِكرة، فطربت لها..!

"سأشتري حِذاء رخيصًا، وعباءةً بسعر متوسط، وسأحتفظ بالباقي لأتصدَّق به."

كان المبلغ زهيدًا فاحتارت أين تضعه؟!
هل تَـهبه كَسَهم في وقفيَّة؟ أم تصرفه ـ كما تفعل كل شهر ـ إلى قطع نقديَّـة، وتتصدَّق بشكل يوميّ بإيداع تلك القطع في الحصَّالة!
هَفَتْ النَّفس إلى ما اعتادته، فذهبت إلى الجمعيَّة التَّـعاونيَّة القريبة مِن منزلها لتصرف المبلغ الزهيد إلى فئة "الخَمسين فلس"، لكنها لم تفلح..
تردَّدت على المكان أكثر مِن مرة دون فائدة، لعدم وجود الشَّخص المسؤول عن هذا الأمر، فجَثَمَ شعور صَلد بالتَّـقصير على صَدرها..

"أيَـمرّ شهر رمضان بأكمله دون أن أتصدَّق بفلس؟!!
يـا وَيْـلي!"
---
بينما هي جالسة تَتْلو آيات الذَّكر الحكيم بترتيل وتدبُّر ـ ساعة الضحى ـ رنَّ جرس الهاتف، فقطعَت قراءتها وأجابت المُتَّصِل...
- السلام عليكم.
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
- هل الوالدة موجودة؟
- نعم، مَن يريدها؟
- "مبَّرة طريق الإيمان".. لقد اتفقنا مع الوالدة أن نرسل لها مندوبنا ـ اليوم ـ لتحصيل مساهمتها في مشروع "كسوة يتيم"، وها هو في طريقه إليكم، فهل أنتم مستعدون؟
- نعم، حيَّاه الله، وجزاكم الله خيرًا.

أجابتها بتلقائيَّة وعفويَّة، ثم خبَّرت والدتها بالأمر...
- سامحكَ الله يا ابنتي، لِـمَ لَـمْ تستشيريني؟
- لقد قالت الأخت إن بينكما موعدًا مُبرمًا..!
- لقد نسيتُ أن أطلب مِنك أن تَسحبي لي مَبلغًا من آلة الصَّرف الآلي، ولا يتوفر معي أيّ مَبلغ الآن، فما العمل؟
- لا عليكِ ـ يا أمَّاه ـ لديّ مبلغٌ زهيدٌ سأتصدَّق به.

تسلَّل شيء مِن الرضا إلى قلبها، على الرَّغم مِن إحساسها الدائم بالتَّقصير!
حاولت دفع ذلك الإحساس مِرارًا، خشيةَ أن يكون مَدخلا مِن مداخل الشَّيطان، ووسوسةً تعيقها عَن أداء مختلف العبادات!
حَمَدَتْ الله أن يسَّر لها هذه الصَّدقة قُبيْلَ حلول العِشر الأواخر، وجعلت مِنها حافزًا للاجتهاد في الطاعة فيما تبَّقى من شهر رمضان.
انشغل الجميع بالعِبادة، وتوافد المسلمون على مضمار السَّبق في هذه الليالي المُباركة، كلٌّ يَرجو عفو الله ورحمته.

---

الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر
لا إله إلا الله
الله أكبر.. الله أكبر
ولله الحمد

وأشرقَتْ شمسُ العيدِ دافئةً رضيَّـةً، وسارَعَ الأحباب إلى تبادل التَّـهنئة، وسارَعَتْ هي إلى تهنئة أخوات حبيبات، قريبات بَعيدات، ربطها بهن إسار الأخوَّة في الله رغم غِياب الرَّسم والصُّورة!
جلست أمام جهاز الحاسوب، وقامت بإعداد بطاقة تهنئة بما لديها مِن معلومات قليلة في عِلم التَّـصميم، وأهدتها إلى كلِّ مَن تحبّ.
بعض الأمكِنة لها منزلة خاصَّة في القلوب، قد نُدرك سبب تميِّزها أحيانًا، وأحيانًا أخرى قد نجهله، إلا أن الشُّعور بالأنس الذي يغشانا عندما نزورها يؤكد على تميِّزها في قلوبنا، هكذا كان حالها مع "الـمُـلتقى"!
أخذَت تتصفَّحه على عَجَل، فوقع بصرها على موضوع شيِّق:
«« ✿ مسابقة العيد ✿ دوحة الذكر ✿ »»

لَمْ تكن يومًا مُغرمة بالمسابقات، لكنَّها ترغب بالمشاركة، حبًّا في المكان وأهله، ودعمًا مِنها لأنشطته وفعالياته، وشيئًا مِن مَرح الطفولة وحَماسَة الصِّبا يراودها صَبيحة يوم العيد.
نَسَخَت الأسئلة، واحتفظت بها في ملف جديد، لتسهل العودة إليها متى أرادت، فما زال في الوقتِ مُتَّسع.
اختَلَتْ فجر الجمعة مع أسئلة المُسابقة وبدأ البَّحث والتَّقصي عن الجواب الصَّحيح لكل سؤال، مُستعينة ببرنامج "جامع المُصنَّفات الإسلاميَّة الكبرى"، ثمَّ أرْسَلَت أجوبتها إلى الأخت المسؤولة عبر الرسائل الخاصَّة، وعادت مِن جديد إلى صفحة المُسابقة تتأملها لتكتشف أن اللجنة المُعدَّة لم تكشف السِّتار عن الجوائز..!
ابتَسَمَت قائلة: - أكبر جائزة أن تحصل على فائدة.

حان وقت لقائها مع الحاسوب ـ كعادتها كل صباح ـ ومع تصفِّح المنتديات المُشاركة فيها، وبالطّّبعِ لَمْ تَنسَ مُلتقاها العَـزيز...

|--*¨®¨*--|نتائج مسابقة العيد|--*¨®¨*--|

]نبارك لجميع حبيباتنا المشاركات الفوز بمسابقة العيد، شاكرات لهن حسن التفاعل[

"يا للفرحَـة..كلُّنـا فائزات!"

]ولذلك قررت الإدارة مشاركة الجميع في الجائزة بالتَّساوي؛ والجائزة هي :
حفر بئر في إحدى الدول الإسلامية الفقيرة، بقيمة: 3550 ريالا
ومساهمة في كفالة يتيم، بقيمة: 1000 ريالا
لكلِّ فائزة سهم بقيمة: 650 ريالا[

اقْشَعَرَّ جلدُها، اغْرَوْرَقَت عيناها بالدُّموع، لهجَ القلب بالحمد، ثمَّ خرَّت ساجِدَةً لله في خشوع.. سَجـدة شُـكـر.

 

عالم آخر..!

نظرت في المرآة التي كانت في نهاية الطرقة في طريقنا للخروج، فذُهلت عن الحياة لحظةً.. ووجدتني تتسارع بي السنون من مكان لآخر، وتهرول بي الأيام فلا أستطيع بها لحاقًا. تغوص قدماي في بركة عميقة من أوحال الشيخوخة. لم يتعدّ عمري الثلاثين! بيْد أن الأيام تزاحمت في دفتر عمري؛ حتى بلغتُ من الكبر عتيًّا، وتكاثرت الشعرات البيض في رأسي؛ حتى اشتعل بها الرأس شيبًا.
رأيتني وقد انحنى ظهري حتى كدت ألمس ركبتيَّ. بدأ الضعف يدب في بدني وينخر عظامي حتى وهنتُ، ورغم ذلك تتراجع هي في سنها. رغم بلوغها نصف قرن عامر من العمر؛ لا أراها إلا شابة لم تزد عن الخامسة والعشرين، بل تزداد جمالاً كلما مرت الأيام. لا يزيدها مرور الزمن إلا حيوية ونضارة. أزداد ضَعْفًا وتزداد قوة.. يتقوس ظهري ويستقيم عودها.. يضعف بصري ويستحد نظرها.. ورغم ذلك تتملكني المخاوف من شيء مجهول.. أخاف إذا تعثَّرَتْ أن تسير إلى نهاية الطريق مثلي فلا تعود.. أتطلع لأراها موفورة الصحة دوني.. لا يهمني أمري بقدر ما أهتم لبهاء صورتها، وحسن منظرها وقوة ساعديها..
أود أن تُطوَى صفحتي بعدما أضع رأسي في حجرها.. وترجِّلُ لي شعري الفضي اللامع بيديها القويتين.. وتمَلِّسُ على وجهي الذي خطّ فيه الزمن خطوطًا متعرجة يمينًا وشمالاً بظاهر سبابتها والوسطى.. وترمقني بعينيها الواسعتين الجذابتين فتذرفان دمعتين حزينتين على فراقي.. وحينما ينتهي أمري وأبدأ في تذكر الأحداث في عالم آخر أرى صورة تلك الشابة في العشرينيات.. ذات الوجه النضر.. والحيوية المحيرة.. والبصر الثاقب.. فأشتاق إلى العودة كي أسدي لها الخير من جديد..

عمرها ضعف عمري تقريبًا.. ولكن هكذا أريدها.. شابة في مقتبل الحياة.. ترتجف أصابعي حينما أتخيلها في مثل حالي.. أبغي رؤيتها أنيقة.. صغيرة.. قوية.. فتية.. ولتنتهِ حياتنا معًا.. لا يهم.. المهم أن أضع رأسي في حجرها حين الرحيل.. ونتذكر حينها أيامنا معًا.. حينما كنت صغيرًا وكانت تلاعبني فأضحك حتى أنقلب على ظهري..
اليوم فهمت معنى تلك النظرة التي لم تزل تصوبها نحوي.. نظرة الحب الممزوجة بالرغبة في العطاء.. كنت أحاول أن أبادلها النظرة بأخت لها ولكن هيهات.. كانت تخرج نظرتي باهتة دون معنى.. رجوتها يومًا أن تعلمني كيف أنظرها.. ابتسمت حتى بان بياض أسنانها الصغيرة المتراصة في انتظام لافت.. فهمت أن لا طاقة لي ببلوغ ذلك الأمل البعيد.

لم أتخيل حياتي من دونها.. ترى كيف تكون؟! هل ستطلع الشمس يومها؟! هل ستتلفع الدنيا بالسواد حزنًا على فراقها؟! لا يهم.. المهم هو أن لا أكون حاضرًا لأشهد هذا المشهد الحزين.. أود أن أنتظرها هناك.. أراقبها وهي تسير بين الناس بخُطى الخير كما عودتني.. علمتني أن أتقن الحب.. لا أكتفي بمجرد الإحساس بتلك المشاعر الباردة.. بل أتفنن في التعبير عنها لمن أحب.. كانت تفعل ذلك معي.. كانت تتفنن في إرضائي.. وإذا أعرضتُ عنها يومًا : وجدتُها ـ وهي الأولى ـ تتودد إليّ لتزيل سخيمة الصدور وتعود الحياة إلى طبيعتها من جديد..

ولكن.. رأيتها من أعلى وهي حزينة مغضبة.. كيف ـ والحال كذلك ـ ستستطيع العيش دون أن تراني؟! كم كنت أنانيًّا حينما تقاذفت هذه الأفكار على رأسي!! ليس سهلاً على هكذا قلب أن يعيش دون محبوبه!! وخاصة هي.. أذكر أني نُفِيتُ عنها عشرة أيام دون رغبة مني ولا منها.. وعندما عُدْت لم أعرفها.. بل تنكَّرْتُ لذلك الكائن الذي وجدته أمامي.. رأيت في عينيها كدرًا وعكارة لا أزال أذكرها حتى اللحظة.. أدركت حينها ـ وحينها فقط ـ كيف يمكن للحزن أن يسيطر على إنسان..

ورغم ذلك لم أفكر إلا في نفسي وكيف سأكون من دونها.. ولكن هل توارد على ذهني كيف ستكون هي من دوني؟! كيف سيكون ذلك القلب الحاني بكل ما فيه من حب وشفقة ولهفة واشتياق؟! وكيف ستستيقظ هي يومًا فلا تجدني على سريري؟! أو تحملق إلى هاتفها منتظرةً اتصالاً مني فلا يأتي؟! أو على أقل تقدير تعلم أني أحيا في مكان ما في هذا الكون الفسيح؟!
أراها تفتش عني في كل بقعة ضوء تقِلُّها الأرضُ أو تظِلُّها السماء.. تتفرس في وجوه؛ الناس علَّها تجدني أو تجد من يشير إلي بنظرة من عينيه، أو كلمة من شفتيه، أو حتى إشارة من سبابته..
رأيتها وقد نظرت إلى السماء تستجدي ربها بالدعوات أن تجدني أو تجد ما يدل عليَّ.. لمحت عينيها وهي تدعو فخارت قواي ولبيت دعوتها..
عدت سريعًا مخترقًا جدر الرغبة والرهبة.. مخترقًا سحب المحبة وبحار الشوق وقفار الغربة؛ لأقف مرة أخرى أمام المرآة وأحدّق في عينيها الواسعتين السوداوين وأقبّل يديها.. لأقول وسط ذهولها: يفعل الله ما يري



عاهدت الله ألا أكلمه

الأيام تسير بنا ونكبر كل يوم لنتعلم من هذه الحياة
و هناك سؤال من الواجب أن يراودنا خلال حياتنا ماذا فعلنا بهذه الدنيا لآخرتنا؟ وأن نتذكر وجودنا على هذه الأرض جزئي فقط لنفعل الخير أم الشر وكل شخص يحدد إلى أيهما يتجه حسب دوافعه .
كل بني آدم خطاء والجميل أن نتعلم من هذه الأخطاء ولا نكررها .
قرأت الكثير من القصص التي تكون الفتاة بها ضحية وكيف تكون حياتهم بعد وقوع الإثم ,
ونشأتي ببيت متدين جعلتني حصينة والحمد لله من مثل هذه القصص فما كنت أفكر بأن أحادث شباب أو أن أسمع الأغاني أو أي شي من هذه المحرمات , مطمئنة وبعيدة كل البعد عن كل هذه الآثام .
وهكذا كنت أسير حياتي بلا هموم وبطمأنينة تجعلني أشعر بالسعادة والتفاؤل , حتى لو مر شيء يضايقني بحياتي اليومية سرعان ما أتذكر تعاليم إسلامنا العظيم وخصوصا هذه الآية " و عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم " وقصة الملك عندما قطع أصبعه فقال له نائبه لعله خير فسجنهوعندما سجنه قال له لعله خير ,ويوم من الأيام كان يسير الملك بالغابة فجاءت إحدى القبائل وأسرته لتقدمه وليمة أي يتم قتله فعندما يكتشفون أصبعه المقطوع يطلقون سراحه لأنهم أرادو وليمتهم كاملة, تذكرهنا قول نائبه فعندما وصل بلاده اطلق سراحه فقال له لقد علمت ما الخير بقطع أصبعي ,وما الخير في سجني لك قال له لو كنت معك لكنت أنا الوليمة ولقتلت .
" لعله خير " لتعود تلك الابتسامة من جديد .
فالحياة قصة نحن أبطالها أما أن تصنعها حياة سعيدة ومتفائلة أم حياة يشوبها الحزن والهم والأسى تذكر أنت البطل ,فأيهما تختار !! بيديك القرار.
بعد الحرب على غزة... قمت بجعل مساحتي الخاصة "السبيس" كلها عن غزة وما حدث بها , وهذا ما جعل الكثير من الناس بأنحاء مختلفة من العالم تضيفني على الماسنجر "لم أكن أعلم أن السبب مساحتي " فقمت وقتها بقبول إضافة 3 أشخاص من أصل 56 إضافة لمعرفة السبب . الأول شخص من اليمن يسكن في أمريكا واخذ يسألني عن وضعنا هنا في غزة وبعد أن أنهيت معه المحادثة قمت بحذفه وحظره.
الثاني سوري يسكن بالإمارات عندما سألته عن السبب قال لي يريد أن يتعرف وأخذ يقول لي أنا متزوج ولدي شركة في الشارقة ولم أجعله يكمل تلك الكلمات فقمت بحظره وحذفه ....
أما الثالث فكان من غزة وعندما أخبرني بأنه شاب كنت أود حذفه وحظره كغيره ولكن يومها قطعت الكهرباء وجاءت عاصفة الامتحانات ولم أفتح الماسنجر لأيام عديدة ونسيت أمره وفي يوم كنت قد كتبت النك نيم باسم المادة التي أدرسها ووضعت اللاب توب على جهة وأخذنا نذاكر أنا وصديقتي ,خرجت لأحضر شاي لصديقتي وعندما رجعت نظرت إلي نظرة غريبة قائلة انظري من يحدثك , كان هو فأخبرتها بالقصة وقلت لها أني لم أحدثه إلا مرة ونسيت أمره.
ولوجود صديقتي ويبدوا أنه يدرس نفس المادة التي ندرسها معاً قلت لها دعينا نرد عليه .... كانت بداية محادثته( ما أظن إنه نفس مادتنا لأنه أنا .... "كتب تخصصه " لم أنتبه لتخصصه, فقلت له أنا .... "وكتبت تخصصي ", وسألته عن تخصصه فأخبرني انه قال لي ) .
الصدفة العجيبة أنا نحن من نفس التخصص ومن نفس المستوى أيضاً , كانت صدفة غريبة حيث أني أخذت أتكلم معه بأريحية نوعا ما وبدأت أسأله عن الدكاترة في الجامعة وعن عددهم وعن درجاتهم وهكذا ....
أخبرته عن مبدأي بأني لا أحادث الشباب ولن أقوم بحذفه وحظره كغيره بشرط أن يكون حديثنا يختص بالعلم وعند الضرورة إذا احتاج أي مساعدة.
ومضت الأيام ...
كنت بالبداية حزمة جدا حتى انه كان يصفني بالمعقدة فكنت أضحك وأقول لنفسي هو لا يعلم حقيقتي لأنه شاب ....
كنت أحاول ان أهديه الى الصواب أي أكون موجه له للناحية الإيجابية من هذه الحياة, فكان إذا جاء موعد الصلاة وهو يكلمني أقول له أن يذهب.
كانت هذه التجربة الأولى لي والأخيرة بإذن الله .
لا أخفي عليكم كان لدي فضول كبير لأرى كيفية تعلق الفتيات بالشباب وكيف يصلون لارتكاب الإثم لذلك أخذت أتجاوب معه بالحديث لأرى إلى أن يريد أن يصل ,كان محترم فقط يريد أن يقضي وقت كعادة جميع الشباب بهذه الأيام كما أنه حذر معي نوعا ما .
وأصبحت الأيام أشهر بدأت أنسجم معه بالحديث لأخبره عن تفاصيل حياتي وهو كذلك .
كنت أحاسب نفسي يومياً فأجد بأني مخطئة عندما قلت له كذا أو كذا وأقول يجب أن لا أكلمه و لاحظ هذا التقلب مراراً بحديثه معي ....
لم أبدأ معه قط بمحادثة كان عادة هو من يبدأ معي وسرعان ما يبدأ معي أنسى ما قلته لنفسي باني لم أحدثه بعد اليوم وأكلمه .من المؤكد كان الشيطان يرافقني بذلك فيجعلني أتحدث معه مرة اخرى.
و حاول استدراجي ليأخذ رقم جوالي أو يراني بالرغم من أني كنت أعلم رقمه ورأيت صوره من خلال إطلاعي على مساحته .
هو يقول وشو فيها لو شفتك عادي ما رح آكلك
" كنت أقول بنفسي ذئب كما تلك القصص التي قرأت عنها كتب" وأشعر بأن الشيطان من يرافقه بذلك .
حاول مراراً ولكن عبثا فقد كنت مستيقظة بحمد الله وهل لي أن أكرر الأخطاء وأنا علمت نهايات الكثير وهل هو كذلك هل هو ذئب !!
صراحة بدأت أعتاد عليه فأقول لنفسي لا مجرد وسوسة شيطان ,فكنت أعيش في صراع أن أحذفه أو أبقيه فهو لم يلتزم بتلك الشروط أن لا يحدثنا إلا وقت الضرورة وبالعلم فقط ,فبعد أن كان يصفني بالمعقدة , قال لي يوماً أنت غير ما توقعت وغير نظرتي الأولى عنك " يومها بكيت أحسست بعذاب الضمير ,قلت له يا ليتني كما كنت بنظرك"معقدة" جميل هذا الوصف.
أخبرته أني بصراع مع نفسي وأني أشعر بتأنيب الضمير بالحديث معه ,قمت بعمل إميل آخر وأن أنسى إميلي لكني لم أستطع لأنه كان هذا الإميل رفيقي ومعتادة عليه.
مع الأيام أحسست أن تغير إلى الأفضل والله أعلم
" أسال الله له الهداية "

وفي ليلة والكهربا قاطعة جلست أحاسب نفسي كان القمر أمامي أحسست أن شعاع منه يخاطبني...
فبدأت يراودني هذا الصراع مرة اخرى وبدأت أتكلم بهذه الكلمات
(لا أود ان اخسر رضا الله
هذا الوقت الذي أضيعه بالحديث معه أليس هذا حرام لكني أود خيرا من ذلك .
لكنك تستطيعين أن تنجزي الكثير من الخير بهذا الوقت وأنت من يقوم بتنظيم وقته وبالتخطيط لحياته
ألم تبدئي بالانسحاب لطريق الشر
"وقتك , رضا الله , ثقة أهلي " هل أضيع كل هذا من اجل شخص قد يكون يستهزئ عندما تقولين له على الصلاة حتى وان كنت تظلميه ولا يستهزئ هناك غيرك
لا أود أن انحدر سامحني يا الله "
وكان هذا بإذن الله المفصل بيني وبينه فقد قمت وقتها وصليت وعاهدت الله أن ألا أتحدث إليه عبر الماسنجر نهائيا وحتى لو تكلم لن أفعل .
عاهدت الله وهل لي أن اخلف هذا الوعد فهذا من المستحيل .

تحدث إلي بعد ذلك ولم أرد فقال لي ردي ولم أرد فكتب لي ابعثي برسالة فارغة وأنا أفهم .. كأنه علم بوعدي حتى تلك الرسالة الفارغة لم أفعل
لقد وعدت الله .... خالقي .
قد أكون مبالغة وقد يكون كل شيء عادي كما يقول ولكن هو مدخل للشيطان فالبعد عن الشبهات .
لكن ما يهمني شيء واحد من هذه الدنيا هو رضا الله عني وتلك الطمأنينة لا تسلب مني ..
لقد تبت إلى الله وكل شخص يخطئ والمهم أن نتعلم من أخطاءنا وأخطاء غيرنا .
حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا
أسأل الله الهداية لي ولسائر امة المسلمين وأن يسدد طريقنا نحو الخير يا الله .
دمتم بود
:: إنتهت::

صدمة مؤلمة .. ولقاء مباشر مع فتاة مصابة بالإيدز على غير ميعاد !!


السلام عليكم
وعليكم السلام حياك الله أخي الكريم ..
عفوا أنا امرأة ..
وعندي مشكلة .. وأحب أن أستشيرك فيها ..
تفضلي أختي ..
قالت لي : ما رأيك لو سمعت بمريض فيه مرض نقص المناعة الإيدز ..
كيف مشاعرك نحوه وبدون مجاملة ؟؟
قلت ديننا يأمرنا ابتداءا بسؤال الله العافية ثم ندعو له بالشفاء ..
قالت ما تشعر بالاشمئزاز منه من لقائه ( تستقذره ) ؟؟
قلت : أنا لا طبعا .. ولكن لا شك أن عدواه ستبعدني من مباشرة لقائه كما هو الحال
في عزلهم في المستشفيات ..
قالت : شفت يا شيخ .. ما قلت لك إنك ستشمئز منه .. !
قلت لم أقل سأشمئز ولكن السلامة من انتقال العدوى فقط ولا شيء آخر ..

******************

انتهت آخر جملة لتبدأ الصدمة الكبيرة ..
قالت : أنا التي أحدثك الآن مصابة بالإيدز ..
لا أخفيكم أني تركت جميع المحاورات على الماسينجر وصفى ذهني من كل شاغل
وذهلت من هذه الفاجعة .. !!
مصابة ؟؟
نعم أنا مصابة بالإيدز وعمري ثماني وعشرين سنة وأم لثلاثة أطفال .. !!
مطلقة ، محطمة ، في أسرة متفككة ، أعيش حالة مادية سيئة ..
حياة أشبه ما يكون بالجحيم ..
لا تتخيل مدى ما أعانيه من مفاوضات على عرضي والاستغلال والبشاعة في العالم ..
وحينما سألت – بعد استرجعت شيئا من الهدوء –
كيف حصلت الإصابة ؟؟
هل من علاقة مشبوهة أو غير ذلك .. ؟؟

ولعل الجواب في ذهنك هو واحد وهي أنها خانت فاسمع الجريمة المؤلمة ..
وخذه درسا في إحسان الظن بالمسلم قدر المستطاع ..
قالت والدي تزوج أمي من خارج دولتنا ( الخليجية ) ..

ثم جاءت أمي وأنا صغيرة جدا ولأجل بعض المشاكل .. رمتني عند والدي وقالت بهذه العبارة :

الجمل أولى بسنامه ..
ثم غادرت وتركتني وكان والدي وزوجته ( الأخرى ) حفظهما الله قائمان بشؤوني وإخواني من زوجة أبي يحبوني وعشنا حياة هانئة ..
حتى كبرت قليلا لأفاجأ بأمي تعود بعد السنوات الطويلة فعلمت بقدومها ..
وأنا من سنين لم أقل كلمة ( ماما ) كانت أمنية أن أقولها كأي فتاة .. تعيش في ظل عاطفة تظمأ دوما ..
وفعلا ذهبت لأفتح باب المنزل لاستقبال أمي الحنونة التي لا أحفظ شكلها ..
لأفاجأ بها على الباب .. ودخلت بغضب ولم تعرفني !!
فقلت لها أنا بنتك ..
فلم تنتبه .. وقالت ابعدي عن الباب يا غبية !!
تخيل الصدمة أم تقول لي في أول ثواني اللقاء ..
أي أمّ هذه ..؟؟
حسبنا الله ونعم الوكيل ..
ثم رجعت لتعيش معنا .. ولا تتخيل كم مدى الهم الذي حصل لنا بقدومها علينا ..
لم تزل بنا حتى شتت أمر البيت كله وذهبت زوجة أبي من عنده والذي كان يدافع عني من أمي
هم أخواني من أبي ؟؟!!
والمفروض أن تقدم الأم قلبها وروحها فداءا لبنتها ..

المهم ..
لم تتركني من عقوباتها وضربها وإهانتها الدائمة لي ..
حتى تقدمت ( تخيل ) بشكوى لدار الأحداث الخاصة بالمجرمين و المجرمات القاصرين لترفع علي قضية

عقوق والدين ( عصيان والدين )
لما هربت منها لوالدي ..
وحكم علي

بتسعة شهر وتسعة وتسعين جلدة ..
فاشتكيت لزميل الوالد وقلت له يا عم خالد ...
تكفى شف لي عريس ولو إيش .. !!
المهم أخرج من عند أمي ..

وفعلا بحثوا لي عن زوج ولكن لم يراعوا حق الله في ...
زوجوني .. أخرجوني ولكن لجهنم جديد ..
لا يصلي لا يصوم تاجر مخدرات يزني ..
أصحابه طوال اليوم في البيت ..
(( وحريم داخلة وحريم طالعة )) على حد قولها ..
يضربني يعايرني بالتفكك الأسري ..
سجن مرتين .. أنجب مني ثلاثة أطفال ..
لما وصلت معه لباب مسدود طلبت الطلاق وطلقني ..
ولكنه للأسف وعلاقاته المشبوهة ..
أصبح مصابا بالإيدز ..
ولم يطلقني إلا وقد أصبت معه بهذا المرض وأنا بريئة من جريمة الزنا ..
آه .. تخيل بريئة ومصابة بأبشع مرض ..

صحتي جيدة والفايروس غير مقروء ..
ولكن لم تنته المعاناة ..

حيث طفلتي الصغيرة خمس سنوات حاملة للمرض .. كذلك ..

فقط أريد منك أن تنشر قصتي وتطلب من كل من يقرأها أن يدعو لي بالثبات على الدين
وأن يفرج الله همي وأن يغنيني عن الحرام ...
فو الله إني أعيش في حياته لا يعلم بسوئها إلا الله ..

دين لا بد من قضائه


دكتور عثمان قدري مكانسي

دخل أبو علي – بعد صلاة العشاء - غرفتي وهويضحك ، ويضرب كفاً بكف ، ويقول : ألا تسمع ما فعلته أختك أم علي يا أبا حسان ؟
- قلت هات يا رعاك الله .
- قال كانت تلميذة نجيبة وعت اليوم درساً مفيداً
قلت : أسمعنيه لعلي أعيه أيضاً .
قال : جمعت أبناءها كما كانت تفعل كل عشية ، تتابع معهم واجباتهم المدرسية ، فهي حريصة على أن يكونوا مجدين متمكنين من دروسهم ..
- وقدمت لطفلها الصغير - خالد - ذي السنوات الأربع كراسة للرسم كي لا يشغلها عما تقوم به من شرح واهتمام بالكبار ، ومذاكرة لما أخذوه هذا اليوم ..
- وتذكرَتْ فجأة أنها نسيت أن تقدم لوالدي الشيخ المسن الذي يعيش معنا في حجرة خارج الحوش قرب باب الدار الخارجي طعامه اليومي .. وكانت تقوم بخدمته بين آونة وأخرى ، ولم يكن الرجل العجوز ليترك غرفته لضعفه ومرضه وصعوبة حركته. وكنت أقضي معه بعض الأوقات ، وأعترف أنها قليلة - لانشغالي – وهذا تقصير أسأل الله أن يعينني على تلافيه .
- أسرعَتْ بالطعام اليه ، وسألته إن كان بحاجة لشيء غير الطعام والشراب ، ثم انصرفت عنه .وكنت راضياً عن خدمتها له على قلتها ، فهي تشكو من الإرهاق والتعب وكثرة العمل في البيت .
- عندما عادت إلى ما كانت عليه مع أبنائها لاحطت أن خالداً يرسم دوائر ومربعات غير متناسقة ، ويضع فيها رموزاً وعلامات..
فسألته : ما الذي ترسمه يا حبيبي ؟
أجابها بكل براءة : إني أرسم بيتي الذي سأعيش فيه عندما أكبر وأتزوج.
أسعدها رده .. فقالت : أرني غرف بيتك يا حبيبي ؟؟
- أخذ الطفل يشرح دوائره ويشير إلى رموزها قائلاً : هذه غرفة النوم ، وهذا المطبخ . وهذه غرفة استقبال الضيوف . وبدأ يعدد كل مايعرفه من غرف البيت .
وترك دائرة منعزلة خارج الإطار الذي رسمه .
- عجبت الأم!!.. وقالت له : ما هذه يا بني ؟ - مشيرة إلى الدائرة ، ولم جعلتها بعيدة عن الغرف الأخرى؟
أجاب : إنها لك وللبابا. سأضعكما فيها تعيشان كما يعيش جدي الكبير .ستكونان عجوزين ضعيفين لا تستطيعان الحركة ، وسيزعجكما الأولاد بصخبهم ، كما ينزعج جدي الآن ، أليس كذلك؟
- صعقت الأم لما قاله وليدها! وغابت في تفكير مخيف !!
- هل نعيش خارج البيت في طرف الحوش دون أن نستمتع بالحديث مع ابننا و أطفاله ونأنس بكلامهم ومرحهم ولعبهم عندما نعجز عن الحركة ؟؟ وهل يجلس كلانا يحدق أحدنا في الآخر ولا يجد سواه يكلمه ؟؟ وهل نقضي ما بقي من عمرنا وحيدين بين أربعة جدران دون فلا نلتقي بباقي أفراد الأسرة ، ولا نسمع لهم حساً ولاصوتا إلا بين الفينة والأخرى ؟؟
- أسرعت تنادي الخادم ... ونقلت أثاث الغرفة المخصصة لاستقبال الضيوف التي عادة ما تكون أجمل الغرف وأكثرها صدارة في الموقع إلى صحن الدار و أحضرت سرير عمها (والدي ) وحاجياته إلى هذه الغرفة ، ثم نقلت الأثاث المخصص للضيوف إلى الغرفة الخارجية في الحوش حيث كان .
وما إن عدت من الخارج حتى فوجئت بما رأيت ، وعجبت له ..
- فسألتها : ما الداعي لهذا التغيير السريع ، ونظرت إليها متأملاً ؟؟
- أجابتني والدمع تترقرق في عينها .. إني اختار الغرفة التي سنعيش فيها أنا وأنت إذا مد الله في عمرينا ، وعجزنا عن الحركة .
- ولتبق غرفة الضيوف بعيدة قرب الباب الخارجي .
- فهمت ما قصدت أم علي ، وأثنيت عليها ، ،وكان والدي ينظر إلينا جميعاً بعينين يشع منهما الرضا ..
- فما كان من الطفل – خالد- إلا أن أعاد ترتيب الغرف .. وابتسم ........


كبريائي.. دمر حياتي


لم يكن في حسباني أن أرى بأم عيني، ما شاهدته وأنا في كامل وعيي ويقظتي
وقواي العقلية، ولكن أحياناً يحدث أن يرى المرء ما لا يسره، ولا يستطيع أن يفعل
شيئاً خصوصاً إذا كان هو المتسبب في ذلك.

ذات مرة وبينما كنا عائدين من جولة ترفيهية، زوجي وأنا، وابنتنا الصغيرة (رشا) والخادمة الآسيوية (الهادئة) وكانت السيارة تتهادى عبر الطريق الخالي من الحركة إلا في فترات متقطعة.. حدث خلاف في الرأي حول أحد الموضوعات التي تهمنا، واحتد الكلام بيننا وتعصب كلانا لرأيه، رفض التنازل فهو رجل له شخصيته وليس من السهل أن ينثني، وأنا اعتبرت المسألة تتعلق بالكرامة وعزة النفس، وقلت طالما أنا على حق.. فلن أرجع عن رأيي.

نصف مسافة الطريق تقريباً، أمضيناها في صمت رهيب، كأننا ركاب في أحد القطارات الأوروبية، حيث لا يعرف أحد الراكب الذي بجواره، ولا حديث ولا مؤانسة، ومرت تلك الدقائق ثقيلة ومملة وقاتلة، حتى وصلنا إلى منزلنا، وبعد أن أدخلنا ما معنا من أمتعة دخل كل منا غرفة، ولم نجلس سوياً.. كان يتوقع أن أعتذر له، وأتودد إليه، وأذهب إليه في الغرفة التي بقي فيها كنوع من الترضية وتطييب الخاطر. لكنني لم أفعل شيئاً من ذلك.. صار لا يكلمني ولا يقترب من غرفتنا التي نقيم فيها سوياً، ولا يطلب أكلاً ولا شرباً ولا سلام بيننا، تأزمت الأمور ووصلت حد القطيعة، صار يذهب إلى المطاعم ليتناول الوجبات، ويعود إلى المنزل ليقضي تلك السويعات في غرفة خاصة به، حتى إذا طل الصباح نهض وأعد نفسه للعمل.. وإذا جاء ومعه بعض الأغراض أو المواد التموينية، ناولها للخادمة لتضعها في أماكنها المحددة.

كان يتحرق من الداخل ويتألم ولكنه لا يبوح بذلك.. حيث كان يأمل أن آتيه سعياً أو (حبواً) لكنني (للأسف) لم أفعل ذلك.. كنت مثله أيضاً.. أحترق داخلياً وأتألم.. وربما أكثر منه، لكن لم تبدر مني كلمة تعبر عن فقدي له بجواري واحتياجي له في كل الأوقات، وعذابي النفسي لابتعاده عنا.. وكنت أكتم ذلك أشد ما يكون الكتمان.. لكن الكبرياء والغرور.. جعلني أتجاهل كل معاناتي وأصر على ألا أنكسر له، وأقول في نفسي: طالما أراد ذلك فليكن له ما أراد، ولا شك أنه كان يكظم غيظه، ويعتصر ألمه، ويداري معاناته، ولكن ماذا كان يجري في الخفاء؟ الله وحده أعلم بذلك..

لم يتراجع أحدنا ويتنازل للآخر، مرت الأيام، والقطيعة قائمة، ومتفاقمة، والأثر النفسي يفيض، ويبدو أن حالته كانت أسوأ مما أتصور، خصوصاً أنه كان يتوقع ألا تطول مدة القطيعة، وألا أعامله بتلك القسوة.

خلال هذه الفترة، كانت علاقته بالخادمة أكثر مما سبق حيث كانت هي التي تعد له مستلزماته، وتجهز ملابسه وتستلم منه الأغراض المحضرة من السوق، وتبلغه بالطلبات الناقصة في البيت. فكان التواصل معها تمليه ظروف عدم التواصل بيننا.. لكن هذه العلاقة – فيما يبدو – لم تقف عند حدود الضروريات وقضاء الحاجات.. بل تعدت ذلك ووصلت إلى مستوى الزيارات والمحادثات، وقد أحسست بذلك قبل أن أراه بأم عيني.

ذات ليلة استيقظت في ساعة متأخرة، وسمعت صوت حركة مشي داخل البيت، وخرجت أتتبعه، وقبل أن أعرف عنه شيئاً سمعت باب غرفة الخادمة يغلق بعنف.. اتجهت نحوه وقلبي يخفق، فوصلت عنده وطرقت الباب فإذا هي مستيقظة، مرتبكة.. قدمت من الغرفة التي ينام فيها زوجي.. وبتوجيه الاتهام لها والضغط عليها انهارت وأقرت بأنها كانت معه على اختلاء.

وفيما بعد عرفت أنها كانت تزوده بالخمر عبر طرف ثالث بواسطة أحد السائقين من بني جلدتها.. فاكتشفت أن الضغط النفسي الذي تعرض له، وأن وجود فرصة لتواصله مع الخادمة كانا سبباً في أن يضعف أمامها وينحرف في الهلاك.. لا أخفيكم انهارت الثقة بيننا بعد أن انكشف المستور، وتم القبض على الخادمة والشبكة التي تتعامل معها من أبناء جلدتها.

المجرم الخائن.. الذي يمكن أن يطلق عليه (الضحية) أصبح هائماً.. تعيساً، يعيش بمفرده في شقته، ومبلغ علمي أن ظروفه العملية ساءت، وكذلك حالته النفسية، صار كثير الغياب عن العمل وكثير السفر، والانزواء بعيداً عن الأهل والأصدقاء.

أما أنا فقد عدت إلى بيت أهلي، أحمل (رشا) الصغيرة وأحمل هماً في رأسي، وهماً في أحشائي، وفقدت زوجي ولم أرض نفسي، وكان بالإمكان معالجة الأمر في مراحله الأولى.. ولكن ذلك لم يحدث.. وبسبب عنجهتي وكبريائي.. أضعت زوجي ومستقبل ابنتي وكذلك المجهول الذي حملته في بطني.. والذي صار اليوم (الشاب ف). أما الحد الفاصل في العلاقة مع أبيهما.. فكانت علاقته بالخادمة فأصبحت بعد ذلك كل علاقاته الاجتماعية سيئة، وتجاربه فاشلة، فلم ينجح في الزوجة الثانية، ولا الثالثة ولا في حياته العملية..

إنها مأساة إنسانية لا أبرئ نفسي من المشاركة في صنعها، وإزكاء النار التي احترق فيها زوجي السابق كإنسان!!.


حينما كنت ألاعب طفلتي الصغيرة شاهدت ما لم أستطع نسيانه ( رسالة هامة) !!


في حين أباشر بعض الأعمال وإذا بقريب لي يتصل علي .. في اتصال مفاجئ ..

المؤمن كالغيث السلام عليكم ؟

وعليكم السلام هلا أبو عبد المحسن .. كيف أخبارك ؟؟

قال لي خرجنا الآن لنتزه .. وإذا بــ ( كفر السيارة ) قد ارتخى علينا في المنتزه .. !!

الله المستعان لا تكمل صف لي محلك وسأكون خلال دقائق عندك ..

ذهبت لهم لأجد قريبنا هناك ومعه أهله في المنتزه وأولاده الصغار .. هناك

وقد تعكر صفو ( رحيمنا ) قليلا ..

قلت له : لا يليق بكم التأخر دعنا نذهب بسيارتي الآن نتم رحلتكم وتتناولون عشاءكم ..

وأشارككم الرحلة على غير ميعاد .. وغدا نأتي ونصلح ما عطب من كفر السيارة ..

فطاب خاطره .. وركبوا جميعا وقد أدرنا الضحكة بينهم ..

وإذا بالصغيرة - وأنا خالها - تسأل باستغراب وفرح شديد :

يعني بتتمشى معنا يا خالو ؟ لأن هذه أول تمشية معهم من سنوات فأنا في غالب أمري أكون في سفر .. !!

قلت : نعم .. يا حبيبتي ..

وانطلقنا واخترنا المناسب من المكان .. ثم تناول الجميع طعام العشاء ..

وأخذت الأولاد جميعا .. وأنزلناهم حيث الملاهي التي لا يصاحبها منكر ولا صخب ..

وانشغلت مع الصغيرة منهم ..

وكل من الباقين قد ذهب في لعبة وانشغل في ترفيه يميل إليه ويناسبه ..

أركبت صغيرتي في لعبة تسمى في عرفنا ( المرجيحة ) ولها أسماء أخرى : المدريهة – مثلا –

وهي التي تشبه مرمى كرة القدم قد ربط فيها حبالا تتدلى وفي نهاية كل ( حبلين ) مجلس يجلس عليه

فيتحرك فيها ذهابا وإيابا .. أماما وخلفا ..

وبدأت في تلقائية في مداعبة الصغيرة فكنت أدفعها وتذهب وحين ترجع كما هي اللعبة أكون

قد أعددت في يدي عصاة صغيرة فأضرب بلطف قدمها .. وهي تقول : لا يا خالي وتكاد تسقط من على اللعبة

من شدة الضحك وأنا إما أضرب قدمها أو أنزغ جنبها فلم يتمالك كلينا نفسه من شدة الضحك ..

وأنا في هذا الجو الماتع ..

جال نظري إلى ( المرجيحة ) التي بجوارنا ..

وإذا بمنظر لم يكن لي على بال .. !!

وقد ابتليت كما يقرأ من قرأ قصصي السابقة بعاطفة شديدة .. كاد دمعي والله ينهمر .. !!

لك أن تتخيل وقد أشبعت طفلتك بالحنان واللعب والعاطفة .. مما جعلها تشبع ..

وإذا بجوارنا من أوقفت لعبتها ... وتنظر إلينا نظرة حزينة ..

فليس عندها من يلاعبها .. ويضحكها كما أضحك طفلتي الحبيبة ..

كأنها تقول لطفلتي هنيئا لك .. بهذه المتعة وهذا الضحك .. ياليتني كنت مكانك ..

وقد هزت كياني بنظرتها .. التي والله فعلت في قلبي فعلها ..

حينما نظرت إليها ( إلى المظلومة )

وجدت والدها ( الغافل ) قد جلس هناك وهو شاب في كامل عافيته ..

لم يتنازل ليلاعب ابنته .. !! ليصبح لها أبا لا يترك لها أملا إلا لباه

ولا ناقصا إلا أشبعه ..

نظرت إليها .. وكأنها أفاقت من غفلة ..

وعادت تلعب وكأن شيئا لم ... يكن .. لا تريد أن تظهر ضعفها وألمها ..

فخشيت أن ألاعبها .. فيأتيني والدها .. ويتشاكل معي .. وله الحق ..

فذهبت عن بعد واشتريت بالونا .. كبيرا زهيا ..

وجعلت من بعد .. مسابقة بين طفلتي وهذه الطفلة في هذه اللعبة ..

والذي يسرع أكثر فيها يأخذ هذه البالونة .. ( وأنا أضمرت في نفسي ان أعطيها لهذه المظلومة )

فأصبحت أمدح هذه الطفلة كثيرا وأنا أعلم أن طفلتي لم تتكدر ..و لن تغضب ..

فسارعت باللعب معنا وأبدعت في اللعبة فعلا وكأنما نشطت من عقال ..

وتحمست وسرت كثيرا .. وانشرح صدرها ..

وكانت سعيدة جدا من مدحي لها وشعرت بنشوة فرح سرتني كثيرا ..

وأهديتها البالونة وأخذت أطفالي وذهبت وقد برد ما في قلبي قليلا ..

ذهبت عنها وما نسيتها ..

فأين الآباء عن الأبناء ...

لما يهجر الأطفال فلا يلاعبون ..

ولا يضحك معهم ولا يتنزل في مضاحكتهم ..

فهم دمنا الذي يجري وروحنا التي تسري ..

أما كان النبي صلى الله عليه وسلم يلاعب أحفاده ..
أما كان الحسن والحسين يرتحلانه وهو خير من وطئ الثرى ..

 

الصحبة الصالحة


يقول الرسول صلى الله عليه وسلم (مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل صاحب المسك وكير الحداد لا يعدمك من صاحب المسك إما تشتريه أو تجد ريحه وكير الحداد يحرق بدنك أو ثوبك أو تجد منه ريحا خبيثة) رواه البخاري.

إن صديقات السوء عندما تقعين في مشكلة أو تحل بك مصيبة فإنهم يتخلون عنك ويبحثون عن غيرك ... وإذا كنت لا تريدين الوقوع معهم في الحرام فإنهم يستميتون من أجل إيقاعك معهم في المعصية ويزينوها لك ... قال تعالى (‏‏وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ‏)

هذه قصة زميل لي في الحي الذي نسكنه كان لا يصلي إلا إذا كان معي خجلاً مني وليس خوفاً من الله سبحانه وتعالى ... وإذا كان في البيت صلى متى شاء ... حياته كانت نوماً في النهار وسهراً في الليل على الأفلام والحرام ... قال تعالى (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى) ففي أحد الأيام كان سهراناً على مطربته المفضلة التي كان لا ينام إلا بعد سماعها ... يقول: إنني عندما أغمضت عيني فإذا بصوت يملأ المكان ... إنه صوت الأذان ... فأحسست أن الأذان طويل جداً فانفلت لساني وقلت (ليس وقته هذا الإزعاج) وليت لساني لم ينفلت ... لأنني دفعت ثمن تلك الكلمات ... لقد كان ثمنها غالياً جداً ... يقول: سمعت بعد ذلك طنيناً خفيفاً في أذني فلم أعبأ به ونمت ولم أصل ولكن الذي سمعني لا ينام سبحانه ... قال تعالى (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ‏)يقول: عندما استيقظت نزلت إلى أهلي فوجدتهم يتكلمون ولكن لا أسمع ماذا يقولون!!! فقلت لهم: لماذا لا ترفعون أصواتكم ... يقول: لا أعلم أن الأمر قد قضي في السماء ... بأن أسلب السمع وأني لن أسمع كلمة بعد ذلك الأذان ...

جاءني بعدها بشكل مختلف ومعه أوراق يخرجها لي ... ثم أعطاني تقريراً يفيد بأنه قد فقد حاسة السمع تماماً ... وأنه ليس هناك أي أمل في السمع إلا أن يشاء الله بإجراء عملية زراعة قوقعة في الأذن اليمنى فقط ... وهذه العملية تكلف مائة ألف ريال ...

حكى لي معاناته خلال سنتين ... يقول: والله جميع الأصدقاء تركوني!!! كنت أخطط للسفر معهم وقضاء الأوقات معاً ولكن تركوني جميعاً فأصبحت جالساً في البيت لوحدي ... فشعرت وقتها بضيق لا يعلمه إلا الله وحزن شديد لدرجة أنني فكرت أن أنتحر... يقول: تصدق أنني تمنيت أنني مولود أصم!!! على الأقل يكون لدي أصدقاء أفهمهم ويفهموني بالإشارة ... علمت يقيناً أن الله عظيم وأنه سمعني يوم أن لم يسمعني أحد ...

أخيتي متى نحس بنعم الله جل وعلا علينا؟؟؟ فهذا فقد حاسة واحدة فقط فلم يطق العيش بدونها ... قال تعالى (‏ ‏إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا) فابحثي في صداقاتك وانظري على ماذا تقوم؟؟؟ فإن كانت في العون على طاعة الله واجتناب ما حرم سبحانه ... فنعم الصداقة التي تقودك إلى الجنان ... وإن كانت تلك الصداقات تزين لك المعصية وتثقل عليك الطاعة ... فبئست الصداقة التي تقودك إلى النار وغضب الجبار ... قال تعالى (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) وقال سبحانه (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا‏)

موقفين .. من أعجب ما رأيت في حياتي ( المتبرع الفقير ) (الفقير المعدم ) !!


أحبابنا الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
زرت أحد قريباتي قبل أيام ..
كعادتي في التواصل معها .. فلها عندنا مكانة عالية جدا ..
ونحبها كثيرا .. لصلاحها و لطافة أبنائها ..
وحالتهم المادية طيبة .. غير أنهم وقتها – أي وقت الزيارة –
.. قد ابتلوا بضائقة مادية .. كأي أسرة ..
قد جاءت على الأخضر واليابس ..
فلم تبق لهم إلا القليل ..
وحتما لن تدوم .. ولكن وقعها كان مؤلما جدا ..
وهم كما تعلمون في هذه الفترة مقبلين على (الموسم المدرسي )
وعدد الأبناء والبنات .. أربعة كلهم يحتاج ..
وصغار في السن ..
منهم ثنتين يحتاجان إلى مراييل ( لباس المدرسة )
والأعجب أن ابنتهم تحتاج إلى نظارة ففصلوا لها نظارة ولم يستطيعوا إخراجها ..
ضائقة كانت مؤلمة .. بكل ما تعنيه الكلمة
أثناء الحديث تسألني الفاضلة
وهي من الصالحات ولا نزكي على الله أحدا صاحبة قيام وصيام
وكلمة طيبة لم نعرف عنها سوءا ولا نعرف لها عدوا..
وأذكر أنها ختمت البقرة في ركعتين .. في مدة ثلاث ساعات في تهجدها مرة !!
ما شاء الله لا قوة إلا بالله

المهم ..
قالت لي : أين تذهب الآن ؟
قلت : المؤسسة كما تعلمين ...
قالت سأعطيك تبرعا !!
في خاطري .. وهل اليوم أحوج منكم لها ؟؟
قالت : حلفت أن أخرجها عل الله أن يفرج عنا ... وأن يفك ضائقتنا ..
فتبادر في ذهني : ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ..
فقلت : المبلغ بسيط .. ولكن عند الله سيكون عظيما .
فأخرجت لي : طقم فضة خالص عليه نقش فاخر جدا مرصع بالفصوص البديعة ...
ما رأت عيني مثله .. روعة وجمالا
أيوجد في زمننا من يتبرع بمثله ؟؟
نظرت إليها متعجبا ..
فأومأت لي بان يصبح الأمر سرا ..
خرجت والله وقد أثر في نفسي من يتبرع بأغلى من يملك وهو في غاية الحاجة ..

أمر مؤثر ..

نحن مقبلين الآن على شهر الطاعات والقربات ..
رمضان ..
قبل أن نفكر في لذة الوجبات ورائحة المأكولات وألوان المرطبات
والسمبوسة الشهية والشربة الدافئة والتطلي والمهلبية والماسية (ملكات الحلوى ) ولقمة القاضي وعصير السانكويك والتوت
وحق لكم التفكير فيه ..
فكروا فيمن يفطر فقط !! على رائحة ما سبق ..
( العمة فاطمة )
سبعينية فما فوق ..
قد بلغت بها الأمراض مبلغها .. مطلقة ليس لها أبناء
مصابة بالضغط والسكر وضعف النظر جدا والدوالي وهشاشة العظام ..
والأعجب من هذا ..
أخوها في المرتبة العاشرة .. !! كما أخبرني من يعرف حالها ..
ولا يعلم عنها شيئا ..
تعيش على حسنة المحسنين ..
كانت تعيش عند أختها فطردها زوج أختها رغم أنها كانت تجمع لهم القوت من حسنات المحسنين
وتحمل هم أولاد أختها ..
فهجرها الجميع ورموها .. لتسكن في بيت زرتها فيه قريبا فرأيت
من سوء المسكن عجبا ..
دخلت المطبخ لأجد فيه بعض الأواني المتهالكة مع ما يصنع الشاي فقط !!
لا لحوم ولا دجاج .. ولا (نواشف ) خفيفة لا عيش
أيعقل هذا ؟؟
تخبرني بنفسها ..
تقول والله يا ولدي ..
إن جيراني أهدوا لي جوالا صغيرا ..
فخرجت للمستشفى يوما ونسيته في البيت وعدت وإذا به مسروق ..
كلما أخرج يسرقون الحرامية بيتي ..
يسطوا اللصوص عليها ..
تبكي بجواري بكاء الطفل .. وتقول لم يعد لي أهل ولا أحد لوحدي هنا ..؟؟
صبرتها ووعدتها خيرا ..
وربطتها بمؤسسة خيرية .. وأهل الخير ..
لن أعقب بموعظة ..
عقب الموقفين .. !!

ثمن الدم



الزمان: 1973م
المكان: إحدى قرى محافظة قنا
أحد الخفراء يطرق باب الجندي سيد الدهشوري، والذي خرج ليتسلم خطاب استدعاء، فقد كان عليه التوجه فورًا إلى كتيبته.
سيد: حسنًا يا أبي، بالتأكيد سيكون مثل المرات السابقة، استدعاء عاديًا، ثم أرجع، وساعتها سأرفع رأس العائلة عندما أحصد إحدى رقاب عائلة الصباغ.
الأب: يا ولدي كفى ما كان، لم يعد لي من أبنائي الثلاثة سوى أنت، لعنة الله على الثأر، لقد كبرت يا سيد، أحتاجك يا بني، أحتاجك.
الأم: يا بني لا تحرق قلبي عليك، يكفي ما حدث.
سيد في غيظ: وأترك ثأرنا؟! كيف سأمشي في البلد بعد ذلك؟ كلا سوف أرفع رأسي ورأسكم جميعًا.
توجه سيد إلى كتيبته مخلفًا القلق والحزن في أهل بيته، وهناك في الكتيبة كان أعضاء التوجيه المعنوي يذهبون إلى المعسكرات لوعظهم وتوجيههم وإرشادهم.
"اعلموا أن الحرب بيننا وبين الصهاينة هي حرب بين الحق والباطل، نحن أمة السلام، وهم أمة البغي والعدوان"
أثارت كلمات الشيخ الحماس في نفس سيد ورفاقه، فتابع الشيخ: "ولكننا لن ننتصر على أعدائنا إلا إذا انتصرنا على أنفسنا، وها هو شهر رمضان قد أقبل، شهر الصبر، شهر الانتصارات على الأعداء، وشهر الانتصار على النفس الأمارة بالسوء، ولنا في هذا الطريق إحدى الحسنيين: إما النصر أو الشهادة، إما تحرير الأرض أو تعبر دباباتهم على أشلائنا ثم تكون جنة عرضها السموات والأرض.
كبر الجنود جميعًا: الله أكبر، الله أكبر، واتقدت الحماسة في نفس سيد ورفاقه، ولم يعد أمر الثأر يخطر بباله إلا النذر اليسير، فيحاول بنفسيته الجديدة الهروب من التفكير فيه، ولكن كانت المفاجأة بانتظاره.
لقد وفد بعض الجنود الجدد إلى الكتيبة، وأثناء تعارف الجند، قدم شاب طيب السمت نفسه للرفاق، اسمه محسن من عائلة الصباغ في القرية المجاورة لقرية سيد، العائلة التي بينها وبين عائلة سيد ثأر مستمر.
كانت مفاجأة كبيرة لسيد، والذي أخفى هويته، ولم يخبره أنه من عائلة الدهشوري، وظل طوال الليل يفكر، لقد كان في صراع مع نفسه، بين القضية الجديدة التي صارت تشغل باله، قضية التحرير والنصر والشهادة، وبين قضية الثأر.
"لقد أتتك الفرصة تحت قدميك يا سيد.
نعم إنها فرصة، ولكن أهذا وقت أطالب فيه بمجد شخصي؟ يبدو أن الحرب باتت وشيكة.
أتترك ثأرك يا سيد؟ وكيف سترفع العائلة رأسها بعد ذلك؟
نعم سأقتله لا مفر من ذلك، سآخذ بثأري، سأنتظر وقتًا مناسبًا".
وفي صباح العاشر من رمضان، السادس من أكتوبر، جاءت الأوامر للجند، اليوم يوم التحرير واسترداد الكرامة، وكأن هذه الأوامر قد أضرمت في نفوس الجند نارًا تستعر، وغلت الدماء في عروق سيد، يتطلع إلى النصر أو الشهادة، ولكن ما إن تذكر الثأر حتى تعكر مزاجه، وعاد الصراع من جديد في نفسه، لكنه قد حسم أمره، سوف يقتله في الحرب بنفس السلاح الذي سيقتل به الأعداء.
بدأ الجند في العبور بصيحات الله أكبر الله أكبر، وتم اقتحام خط بارليف بكل تحصيناته، وكان سيد ورفاقه يقاتلون كالأسود، وكلما حانت منه التفاتة إلى محسن، قفزت في رأسه فكرة الثأر لكنه ينشغل عنها بقتال المحتلين.
وبعد أن دك الأسود خط بارليف ظلوا في انتظار الأوامر من القيادات، وكبر محسن وقام باحتضان سيد، وفي لحظات داعبت فكرة الثأر خياله، وراودته نفسه بقتل محسن، دارت كلمات الشيخ في رأسه وكيانه: لن ننتصر على أعدائنا إلا إذا انتصرنا على أنفسنا"
وعلا صوت منادي الخير في نفس سيد: الثأر مع هؤلاء المحتلين البغاة الذين نهبوا الأرض وقتلوا الأبرياء، ليس مع ذلك البريء، ليس ذنبه أن كان من تلك العائلة، أوقف نزيف الدم يا سيد، أوقف نزيف الدم يا سيد.
جميع تلك الأفكار لم تستغرق سوى ثانية أو اثنتين، انتصر بعدها الخير في نفس سيد، وطوق صاحبه بيديه وشعر بحنين جارف إليه، وسالت دمعة من عينيه على سنين ضاعت ودماء سالت، وشباب في عمر الزهور ضاعوا ضحايا الثأر، و.....
ارتخت يدا محسن جانبًا وهو يسقط بين يدي سيد إثر رصاصة غادرة من صهيوني كان يدعي الموت، فاستدار إليه سيد وأفرغ خزانة رصاصاته في ذلك الصهيوني، وهو يصرخ في غضب: لاااااااااااااااااااااا
ثم نزل على ركبتيه يتفقد رفيقه وهو يبكي، محسن، محسن، ابتسم محسن ابتسامة واهنة وهو يمسك بيد محسن ويقول له:
مبارك النصر يا سيد، لقد انتصرت، يا بطل، انتصرت على الأعداء وحررت الأرض، وانتصرت على نفسك وحررتها من أسر الثأر اللعين.
راعت الكلمات سيد الدهشوري، واتسعت حدقتاه وهم بسؤال محسن الذي عاجله بالجواب قبل السؤال: عرفت أنك من عائلة الدهشوري من زملائنا، كنت أتوقع منك قتلي في أي لحظة يا سيد، لكنني دعوت الله أن ينجيك من دمي، وأن تكون نهايتي على يد عدوه لا عبده الطيب.
تدفقت الدموع بحرقة من عيني سيد وهو يحمل محسن بين يديه، فتابع محسن: صدقني يا سيد لقد أحببتك منذ رأيتك، لقد كنت أنبذ فكرة الثأر، وأتمنى أن أكون ثمنًا لوقف نزيف الدم.
سيد: سوف ينتهي كل شيء يا صديقي، سيتوقف نزيف الدم بي وبك عندما نذهب سويًا إلى القرية يدي في يدك بعد النصر، قم وافرح معي يا محسن، قم يا بطل.
محسن بابتسامة واهنة: إنها تنتظرني يا سيد، تناديني، الزفاف يا سيد، الزفاف، وارتخت يداه جانبًا مفارقًا الحياة.
صرخ سيد باسم محسن، وهو ينتحب، ويحتضنه ومشاعر كثيرة تتدفق في كيانه، مزيج من الخواطر جعله في دوامة، ولكن ذلك لم يمنعه من التفكير في إكمال مسيرة النصر الذي تحقق، سوف يذهب ومعه أطياف الشهيد محسن، ويوقف نزيف الدم، ويروي للجميع تلك الملحمة.

[كما تدين تدان] سر ابنة الخالة.. والفتى المسكي


قصة بعنوان: ستر الله ثوبا جميلاً من أصر على خرقه انفضح!
 
في أسرة هادئة سعيدة باجتماعها جلس الأب مع أولاده وأهله جلسة حب ومودة، غير أن ابنته ما استطاعت أن تشاركهم هذه الجلسة ومنعها من ذلك زيارة ابنة خالتها التي آثرت أن تكون في غرفة الابنة طوال النهار، غير أن البنت ذات الستة عشر ربيعا لم تضيع فرصة التقاء الأسرة فما تكاد تمر ساعة حتى تنزل إلى حيث تجتمع العائلة فتشاركهم دقائق ثم تعود إلى غرفتها حيث ابنة خالتها حتى حان موعد آذان المغرب والناس صائمون، فاجتمعت الأسرة للإفطار إلا ابنة الخالة التي أصرت على البقاء في الغرفة، فسأل الأب عن السبب فأخبرته الابنة بأنها غير صائمة وآثرت النوم، إلا أن الأب أصر أن تشاركهم الطعام، وإن لم تكن صائمة، وقام بنفسه إلى غرفة ابنته لإيقاظ ابنة الخالة، ففتح باب الغرفة ودنا من الجسد المغطى بحنان الأب وحاول كشف رأسها وهنا كانت المفاجأة.. إن النائم ليس ابنة الخالة كما زعمت البنت طوال النهار وليس رأساً لفتاة أصلاً وإنما هو رأس شاب..!
فزع الأب لهول ما رآه واستدعى الشرطة التي ألقت القبض عليه وحملته إلى التحقيق.. وهناك حاول الشاب أن يزعم بأن المسألة لم تتعد مجرد الحديث وعند تهديده بعرض الأمر على الطبيب الشرعي ضعف الشاب وانفرطت اعترافاته كحبات العقد، فاعترف بأنه عاشرها معاشرة الأزواج وبأنه... إلخ
وتابع الشاب بأن هذه ليست المرة الأولى له بل إنه فعل ذلك مع أربع فتيات أخريات وكانت هي الخامسة!! وهكذا نجد أن الله ستره في الأولى وما انتهى والثانية وما ارتدع ثم أبى الله إلا أن يكشف ستره ويفضحه.. وعندما علم الأب سقط من توه.


هذه مواقف تدمع لها العين وينفطر لها القلب وتقلق لها النفس، وتبين لنا جزاء السيئة..
ولنختم حديثنا بقصة تبين لنا جزاء الحسنة والفعل الصالح.


كان هناك شاب يبيع القماش ويضعه على ظهره ويطوف بالبيوت، وكان هذا الشاب جميل الهيئة من رآه أحبه لما حباه الله من جمال، وفي يوم من الأيام وهو يمر بين البيوت أبصرته امرأة فنادته وأمرته بالدخول وقالت له إنني لم أدعك لأشتري منك، ودعته إلى نفسها فذكرها بالله وأليم عقابه فما زادها إلا إصراراً.
وقالت له: إذا لم تفعل ما آمرك صحت في الناس وقلت لهم دخل داري ويريد أن ينال من عفتي.. فلما رأى إصرارها على الإثم والعدوان، سألها أن تسمح له بالدخول إلى الحمام أولاً، ففرحت لذلك فرحاً شديداً ودخل الحمام وجسده يرتعش من خوف الوقوع في المعصية وفجأة خطرت له فكرة فقام ولطخ جسده بالقاذورات والأوساخ وبكى ودعا الله قائلا: ربي وإلاهي وسيدي خوفك جعلني أعمل هذا العمل فاخلف علي بخير، ثم خرج إليها فلما رأته على هذه الحال صرخت في وجهه قائلة: اخرج من داري يا مجنون، فخرج خائفاً يترقب الناس وماذا سيقولون عنه حتى وصل إلى بيته وهناك خلع ثيابه واغتسل غسلاً حسناً ........ ثم ماذا؟...... هل يترك الله عبده ووليه هكذا؟......... لا أيها الأحباب.......... فعندما خرج من الحمام عوضه الله شيئاً عظيماً بقي في جسده حتى فارق الحياة، لقد أعطاه الله رائح عطرية تفوح منه لمسافات بعيدة ويشمها الناس حتى لقب ((بالمسكي)) ........ وعندما مات كتب على قبره: هذا قبر المسكي.

جزاء الخير خير مثله

في يوم عرفة حيث تتنزل الرحمات على الناس الذين توجهوا إلى الله بالدعوات.
قال لي صديق: التفت في هذا اليوم وإذا أنا برجل لم أسمع منه غير البكاء والتمتمات فحسدته على موقفه الخاشع ولم أشأ أن أقطع عليه خشوعه بكلام لا يفيد، وانتهى موسم الحج وعدنا إلى الكويت وبعد أيام فوجئت به في مكان عام ووجدت فرصة للتعرف عليه فقال لي في ثنايا حديثه إنه متزوج وله أولاد وإنه عزم في يوم عرفة على أن يؤثر أباه وأمه بالدعاء وكان مما قاله: (اللهم حرم جسد والدي على النار اللهم أدخلهما الجنة)
قال: (وبعدما عدت إلى الكويت وجلست مع أبنائي قالت لي الكبرى أظنك نسيتنا في الدعاء يا أبتاه غير أننا لم ننسك أبدا، فأنا قد دعيت لك يوم عرفة..... فسألتها متلهفاً وبماذا دعيت لي؟...... قالت كنت أقول: (اللهم حرم جسد والدي على النار اللهم أدخله الجنة) وهنا ارتمت الصغرى في أحضاني قائلة: أما أنا فكنت أقول اللهم لا تحرق والدي بالنار...... فسكت سكوت الخاشع وأدركت أن الجزاء يكون من جنس العمل.

قصص مأساوية بطلتها (صديقات السوء)

فتش عن المرأة.. في فساد المرأة!

 قديماً قال (إخوان الصفا) ذائعي الصيت في الفلسفة والحكمة: (المرأة تفسد المرأة، كالأفعى تبث السم في الأفعى)!
وإذا انطبقت هذه المقولة على عصر ما فإنها تنطبق تماماً على أيامنا الحالية، حيث تطالعنا الحوادث والحكايات والدراسات الاجتماعية بطوفان من القصص والمآسي، تؤكد صدق قولهم (فتش عن المرأة) ليس في حياة الرجل فحسب، بل في حياة المرأة أيضاً، عندما تلعب حواء دوراً مصيرياً في توجيه صديقتها نحو الخير أو الشر.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا الصدد هو: كيف تفسد الأنثى صاحبتها وتدفعها إلى سلوك طريق غير مستقيم، فتحيد عن جادة الصواب والعقل والأخلاق أحياناً، وينتهي بها المطاف أن تخرب بيتها بيدها وتدمر حياتها الزوجية ؟..

أما الإجابة فسوف نعرفها من خلال هذا التحقيق:


فى البداية تقول السيدة عفاف الهلباوي (مدرسة): لاشك أن إفساد المرأة للمرأة نقيصة نسائية معروفة فى مجتمعنا، وتلاحظها المرأة العاملة بالذات لأنها منتشرة فى أوساط الموظفات مثل انتشارها في النوادي، والجامعات في التجمعات النسائية أينما وجدت فيما يمكن أن نسميه (رفيقات السوء).

وتبرهن السيدة (عفاف) على رؤيتها قائلة: أنا شخصياً تعرضت فى بداية زواجي لهذا (المطب النسائي) عندما شكوت من بعض تصرفات زوجي لإحدى الزميلات التي كانت تكبرني فى السن، ظناً مني أنها ستفيدني بخبرتها في الحياة، ولقد استمعت إليّ بإنصات شديد، ثم بادرتني (حالة زوجك هذه عادة رجالية لا علاج لها على الإطلاق انقذي نفسك بسرعة وأطلبي الطلاق، وتزوجي من رجل كريم يقدرك ويقدر جمالك، ويقدر تعبك معه في الحياة)..
والواقع أنني: كنت أشكو من بخل زوجي ولا أخفيك أنني عملت بنصيحتها وافتعلت مشاكل كثيرة مع زوجي ليطلقني بالفعل، ولكن فجأة اكتشفت أنني حامل، وتحول زوجي بعد سماعه خبر حملي إلى إنسان هادئ، كريم، وأظهر حباً وحناناً ورعاية كبيرة لي، فشعرت بالندم.. وأعلنت توبتي بألا أشكو إلى امرأة أخرى من أي مشكلة إلا إذا كنت أثق في عقلها والأهم حرصها على مصلحتي مثل شقيقتي، أو خالتي أما الصديقات والزميلات فلا !.


وتحكي لنا مذيعة تليفزيونية معروفة أن صديقتها (المذيعة أيضاً) دفعتها دفعاً إلى الزواج من أحد رجال الأعمال الأثرياء بدعوى أنه سيحقق أحلامها في إنشاء قناة فضائية. تضيف المذيعة، وبعد فترة وجيزة تبين لي أنه رجل (لعوب) ومتزوج من سيدة فاضلة وأنه لا يريد زواجاً ولا (حلالاً) واتضح أن صديقتي كانت تعلم ذلك، وتتعمد أن تضعني فى طريقه، ولولا أن حماني الله، كان يمكن أن أقع تحت ضغط (إغراءاته المادية) وهي بدون حدود.

وتتحدث الزوجة (ل. م) بندم شديد عن المعاملة السيئة للغاية التى عاملت بها (حماتها) وتقول: كانت حماتي سيدة فاضلة وصبورة، وتعرف حدودها..
وفي الأيام الأولى من زواجي كنت أعاملها بلطف، إلى أن زارتني إحدى صديقاتي المقربات ونصحتني أن أبدأ في معاملتها بعنف وقسوة، لأن الحموات حسب نصيحتها إذا لم تظهر لهن زوجة الابن قوة الشخصية فإنهن يعاملنها على إنها جارية، ولابد من إظهار (العين الحمراء) من بداية الطريق حتى لا اصبح غريبة في بيتي وتسيطر هي أي حماتي على البيت.
وبالفعل اقتنعت بكلامها، وعاملت حماتي بقسوة شديدة وأهملتها وأهملت احتياجاتها وكانت مسنة مريضة، وصبرت المسكينة وتأملت في صمت حتى لا تخرب بيتي، وكنت أرى نظرات الحزن والألم والعتاب في عينها ولا أرحمها..
وقبل وفاتها بأيام قالت لي (سوف تصبحين يا زوجة ابني حماة في يوم من الايام).
وتضيف( ل. م ) وبالفعل أنا حماة منذ عامين، واضطرت الظروف المادية ابني أن يعيش معي في نفس البيت.. والله كأن شريطاً سينمائياً يُعاد عرضه..
كل ما كنت أفعله في حماتي تفعله معي زوجة ابني، وهنا فقط، أدركت أنني وقعت ضحية صديقات السوء ونصائحهن، لهذا دائماً أنصح ابنتى، وزوجة ابني، ألا يعطين آذانهن لنصيحة الصديقات، أو بالأحرى (لوسوستهن).


وتحكي طالبة جامعية كيف أفسدتها صديقتها وكيف علمتها الكذب على أسرتها، تقول: حتى الثانوية العامة كنت مثالاً للبنت الملتزمة في كل شيء، الأخلاق، والدراسة، والدين إلى آخره، ومرت السنة الأولى في الجامعة بخير، إلى أن تعرفت في السنة الثانية على إحدى الزميلات التي دعتني يوماً للعشاء في منزلها، وهناك فوجئت بعائلة مختلفة تماماً عن عائلتنا، فوالدها متوفى، وأمها سيدة متحررة للغاية، ولها شقيقتان يكبرنها، وفي البيت فوجئت بمجموعة من الشباب من أصدقائها وأصدقاء أمها وشقيقاتها، يمزحون ويمرحون ويتصرفون بحرية وتلقائية، يغنون ويشاهدون أفلام الفيديو..
ولا أخفيك كان جواً جديداً بالنسبة لي وشدني، وكررت الذهاب معها أكثر من مرة، ولم يتعد الأمر ما وصفته، لكنني عندما أتأخر على البيت وأخاف من أهلي كانت تعلمني هي وأمها الكذب، وكانت أمها تتصل بأمي لتطمئنها أنني مع ابنتها نذاكر دروسنا، وبعد الانتهاء من المذاكرة سوف تصحبني بنفسها إلى البيت، واستمر الحال عدة شهور، وفجأة فوجئت أن الأمور بدأت تنقلب إلى ما هو أبعد من ذلك، ومن خوفي حكيت لزميلة أخرى أثق في عقلها ودينها، فنصحتني بسرعة الابتعاد وشرحت لي عواقب هذا الطريق، وعندما امتنعت حضرت لي أم صديقتي لتقنعني بالعودة، وكان ستر الله عظيماً أن شاهدتها زميلتنا الأخرى معي أمام الجامعة واستمعت لكلامها، فطردتها وهددتها بالفضيحة..
وهكذا كادت هذه المرأة وبناتها أن يفسدنني لولا ستر الله ودعاء الوالدين.

زوجة رجل محترم
وبحزن تؤكد إحدى السيدات أن سبب تعاستها في الحياة هي إحدى صديقاتها، وتضيف:كنت زوجة لرجل محترم ولكن كان عصبياً للغاية، أنجبت منه ولدين وبنتاً وتحملت عصبيته من أجل أولادي إلى أن ظهرت في حياتي إحدى الجارات التي سكنت بجواري حديثاً، وكانت تسمع زوجي وهو يرفع صوته عليّ وعلى الأولاد، وزارتني ذات يوم وسألتني عن سبب عصبية زوجي فقلت لها: هذا طبعه؟ انه عصبي لكنه طيب القلب ،فأبدت استياء ونصحتني ألا أسكت على هذا الوضع، وأن هذا غير لائق بي، ورفع صوته علي يعني أنه لا يحترمني ولا يحبني.. واتهمتني بالضعف وطالبتني أن آخذ حقي من زوجي ويكون لي موقفاً إيجابياً معه.
وبعد أسبوع زارتني ثانية وكررت نصائحها، وظلت تحكي لي عن شقيقها، وحنانه على زوجته رغم تسلطها، ورقته معها رغم نكدها.
وأيضاً تحكي لي عن شقيقها المثالي في معاملته للنساء وحنانه ورقته إلى آخره..
إلى أن جاءتني يوماً وقالت لي إن شقيقها موجود وطلبت مني أن أجلس معه لأحكي له عن مشاكلي مع زوجي ولا أعرف كيف وافقتها وذهبت معها إلى شقتها، وبالفعل وجدت رجلاً وسيماً، هادئاً، رقيقاً، مثقفاً في حديثه وشعرت براحة شديدة وأنا أتحدث معه، وتكررت زياراته، وبالتالي لقاءاتنا، فطلبت من زوجي الطلاق وهدمت بيتي، وأبدى هو وشقيقته سعادة بالغة بهذا الخبر، وفي شهور العدة حاول أن يقيم معي علاقة غير شرعية ولما رفضت بشدة وإصرار اختفى فجأة هو وشقيقته من العمارة نهائياً، ولا أعرف أين ذهبا..
ولكن بعد أن فقدت زوجي وبيتي وأولادي واستقراري..
ولم يبق لي إلا أصابع الندم أعضها ليل نهار وأقول: حسبي الله ونعم الوكيل في هذه الجارة الشيطانة، التي أحذّر كل النساء من أمثالها، وأنصحهن بألا يضعن أذنهن لنصائح الأخريات، وألا يسمحن لهن بالتدخل في حياتهن مهما كان الثمن.

إفساد المرأة للمرأة
إفساد المرأة للمرأة حقيقة تؤكدها السيدة فوزية علي نجم مسؤولة علاقات عامة قائلة:أسمع في النوادي التي أرتادها كثيراً بحكم عملي، وأيضاً في المجتمعات النسائية في المناسبات الخاصة، حكايات يشيب لها الولدان عن (مقالب) النساء في بعضهن البعض، والتي يقصد منها في النهاية تدمير حياة المرأة أو وصفها في وضع اجتماعي سيئ أو على الأقل محرج، والسبب الغالب والأعم لهذه الكارثة هو (الغيرة)..
غيرة المرأة من المرأة التي لا يحدها حد، وفي أحيان أخرى يكون سببها (الإفساد) في حد ذاته، كأن تجر المرأة، الأخرى إلى الرذيلة أو الطلاق أو التمرد على حياتها بصورة أو أخرى لهدف (براجماتي) أو لغرض ما في نفس المرأة المخربة أي الداعية للفساد.

اعترافات ليلية
ومن جهتها تقول الإعلامية المعروفة بثينة كامل صاحبة برنامج (اعترافات ليلية): ووضعهن على طريق إدمان المخدرات والزواج العرفي، والانحراف بصفة عامة.
والمعروف أن تأثير المرأة على المرأة مثل السحر وخاصة إذا كانت إحداهما تثق في الأخرى وعادة المرأة المفسدة تتمتع بوسائل جذب في كلامها وتحركاتها وتصرفاتها يمكن أن تخدع البعض، وتبهر البعض الآخر وهذه المرأة تكون بالفعل كالأفعى، تبث سمومها في رأس الأخرى فتقلب حياتها رأساً على عقب.
وتشير بثينة كامل إلى أن منبع خطورة المرأة على المرأة أنها تفهمها جيداً، ربما من مجرد النظر في وجهها وتفهم احتياجاتها، وما يمكن أن يسعدها أو يتعسها، ولذلك فإنني أنصح الأمهات في ضرورة مراقبة صديقات بناتهن، والتدقيق جيداً بينهن وفي البيئة التي خرجن منها، ولا مانع أبداً أن تتدخل الأم بأسلوب جيد في اختيار صديقات ابنتها المراهقة.

في حبائل امرأة
وتمسك بطرف الحديث الأديبة هالة الشاروني مؤكدة أن انتشار الظواهر الشبابية السلبية بين الشباب عامة تأتي عادة من خلال الصداقات والزمالات..
وإذا لم يحترس الأهل مما يسمى (الشلة) أي شلة صديقات بناتها سواء في المدرسة الثانوية، أو الجامعة، أو النادي فربما تكون الخسائر فادحة.
فالبنات تتأثر ببعضها تأثيراً كبيراً،وأصبحت إغراءات الحياة والإحباطات التي يعيشها الأهل والتي أنعكست بالتالي على كل أفراد الأسرة بما فيها الأبناء،هذه العوامل أصبحت عوامل هدم مخيفة في مجتمعنا العربي، ولن ينجو منها إلا من رحم ربي..
وتضيف: إذا كانت كثير من السيدات الناضجات صاحبات الخبرة في الحياة قد يقعن فريسة صديقات السوء، فما بالنا بالصغيرات حديثات السن؟!


وتحكي الزميلة حنان حسين (محررة صحفية) عن إحدى صديقاتها التي انتحرت قبل عام تقريباً رغم انها كانت على قدر كبير من العقل والاتزان وأيضاً الجمال، لكن لسوء حظها انها وقعت في حبائل امرأة مدربة على الشر من خلال رحلة البحث عن العمل، واستطاعت هذه المرأة بأسلوب ساحر، والتظاهر بالأخلاق والمبادئ والتلون كالحرباء أن تجعل هذه الصديقة تدمن المخدرات، وبعد سيطرتها عليها تماماً، طلبت منها أشياء غير أخلاقية لم تستطع هذه الفتاة المسكينة أن تلبيها..
ولم تجد وسيلة للتخلص من هذه الأفعى إلا بالتخلص من الحياة نهائياً.


ومن جانبها تحذّر الدكتورة ملكة يوسف من أخذ النصح والإرشاد من صديقات السوء، وتحذّر مجالستهن بصفة عامة، فقد حذّر الرسول من جلساء السوء، قال النبى صلى الله عليه وسلم (إن الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيباً، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثا).
فصديق السوء يورد الإنسان الهلاك ويضره أكثر مما ينفعه وقال تعالى {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} أما كيد المرأة فوصفه سبحانه بقوله: (كيدهن عظيم)

(قصة واقعية مبكية)
هداية زوج قاس بعد وفاة زوجته الصابرة

 نماذج مضيئة للفتاة المسلمة


امرأة أعرفها كانت صابرة على زوجها.. كان يقسو عليها أشد القسوة.. ولكنها لم تخرج عن طاعته.. ما تبرمت على قدر ربها.. صبرت واحتسبت.. وكانت تنظر لأولادها وكأن في نظراتها احتسابهم على الله جل علاه.. وفوق ذلك ابتلاها الله بمرض خبيث في بطنها.. تتألم من شدة الألم تارة وتتألم من شدة ظلم زوجها لها تارات.. وهكذا .. حتى أتتها سكرات الموت..

فعندما أتتها السكرات وفي ذلك الوقت قرأت أحد بناتها عليها آيات من كتاب الله الحكيم.. فإذا بها توصي الأولاد بأبيهم.. يا آ الله .. أساء لها فأحسنت إليه.. ظلمها فصبرت ودعت له..

توصي الأولاد بأبيهم خيراً.. ثم تأمرهم بأن يخرجوا من عندها ثم توجه بصرها إلى السماء وهي على فراشها.. ثم تشير بالسبابة توحيداً لربها.. وما هي إلا لحظات وإذ بالعرق البارد يتصبب على جبينها وتسلم الروح لبارئها رحمها الله..

ولقد عايشتُ هذه القصة بنفسي..

ماتت وهي توصي بالذي أساء لها.. فهداه الله بعد موتها.. وما زال يذكرها ويدعو لها..

ماتت والعرق ينحدر على جبينها فظفرت بدعوة نبيها.. ماتت بداء بطنها لينطبق عليها حديث رسولها الذي رواه مسلم وأحمد (من مات بالبطن فهو شهيد) وقوله عليه الصلاة والسلام كما عند النسائي وأحمد وصححه الألباني (من يقتله بطنه فلن يعذب في قبره)

هنيئا لها بخاتمتها..
هنيئا لها بصبرها واحتسابها..
هنيئا لها بعفوها الذي أوصلها إلى ذلك بإذن الله جل وعلا..


* *

أصحاب الخاتمة الحسنة وجوههم تلألأ نوراً في حياتهم.. وعند موتهم.. وعند لقاء ربهم..
وذلك من أثر الطاعة عليهم وصدق الله إذ قال: (سيماهم في وجوههم من أثر السجود)..

مما فسرت به هذه الآية قول منصور رحمه الله إذ قال: سألت مجاهد عن قول الله (سيماهم في وجوههم) أهو أثر يكون بين عيني الرجل؟
قال مجاهد: لا ربما يكون بين عيني الرجل مثل ركبة العنز وهو أقسى قلباً من الحجارة ولكنه نورٌ في وجوههم من الخشوع

قال سفيان الثوري رحمه الله: يصلون بالليل فإذا أصبحوا رؤيا ذلك في وجوههم.. بيانه قوله عليه الصلاة والسلام: (من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار) رواه مسلم وغيره.

قلت: وقال الحسن رحمه الله عن (سيماهم في وجوههم) قال: هو بياض يكون في الوجه يوم القيامة.


* *

يقول الشيخ حفظه الله:

أراني أحدهم صورة فلما نظرت إليها فإذا بها صورة لامرأة متبرجة.. بيضاء جميلة.. كاسية عارية.. فقلت له: اتق الله ولماذا تريني هذه؟! أما خفت من الله يا عبد الله؟!
فقال لي: أريكها لأخبرك أن هذه التي ترى هي هذه!!
فنظرت إلى الصورة الأخرى فإذا بامرأة قد اسود وجهها.. والظلمة قد ظهرت على ملامحها.. وهي ميتة مقتولة بيد زوجها.. وكان آخر عملها من الدنيا كأس الخمر بيد والسيجارة بيد.. وعلمت بعد ذلك أنها إحدى المغنيات المشهورات أعاذنا الله وإياكم أجمعين..

شتان بينها.. وبين تلك الفتاة (جارتي).. نعم إنها جارتي.. في حي الذي أعيش فيه.. أبوها نحسبه من الصالحين.. لا يترك صلاة في المسجد البتة.. ابنته في الرابعة والعشرين من عمرها.. فرحت بوظيفتها معلمة وإن كان المكان بعيد عن بيتها.. كانت تذهب هي ومن معها إلى عملهم في عربة يستقلونها بالأجرة.. يذهبون سويا ويرجعون سويا..
وقبل شهر رمضان لعام 1424هـ فاجأت أهلها بكلام كانت تقوله.. قالت لهم قبل شهر رمضان: (إذا أنا مت فلا تحزنوا عليّ فإني أحتسب خرجتي هذه للعمل على الله فأنا أعلم العلم )..

وكانت تخرج متحجبة متسترة من رأسها إلى أخمص قدميها..

الشيخ: أنا أعرفها.. أنا أرى حجابها رحمها الله..

وقبل موتها.. طلبت من أبيها أن يأخذها لصلاة الجمعة معه فأخذها وكان ذلك في منتصف شهر رمضان..
وبعد الجمعة بيومين .. في يوم الاثنين الخامس عشر من شهر رمضان لعام 1424هـ تخرج من بيتها صائمة وكان من آخر أعمالها أنها أيقظت إحدى صديقاتها لصلاة الفجر وكانت تتلو القرآن في العربة التي كانت تستقلها وهي ذاهبة إلى عملها بصوت منخفض وماتت والقرآن بيدها!.. حصل الحادث المروع وماتت وخرجت من الدنيا على هذه الحال الطيبة..

ماتت في يوم الاثنين من رمضان.. وقد ولدت في يوم الاثنين من رمضان!..

ماتت وقد صلت الفجر.. ولم تنم بعد صلاة الفجر بل تتلو القرآن إلى وقت الدوام..

ماتت وقد دعت إلى الله في ذلك اليوم بأن أيقظت صديقتها إلى الصلاة..

ماتت والقرآن في يدها..

ماتت وهم يخرجونها من العربة ويقولوا الذين أخرجوها: واللـــــــــــه أننا أخرجناها من العربة ووضعناها في الإسعاف ولم يظهر من جسدها قدر أنملة!!.. فقد كانت مع تحجبها تلبس السراويل الطويلة تحت لبسها تقول: (لو قدر الله لي الموت لا يراني أحد، لو قدر الله لي الموت لا يراني أحد) ..

بكى الشيخ حفظه الله وهو يقول:

ماتت كما تتمنى.. كاد أبوها أن يجنّ عليها..لما رآني وقد دخلت أعزيه احتضنني وأمام الناس بكى وأجهش بالبكاء ورفع صوته وقال: (أبر أولادي بي هذه يا محمد)..

هنيئا لها على القرآن والبر والدعوة والصيام ورمضان.. تموت رحمها الله..


تزود قريباً من فعالك إنما *** قرين الفتى في القبر ما كان يفعلُ
وإن كنت مشغولاً بشيء فلا تكن *** بغير الذي يرضى به الله تشغلُ
فلن يصحب الإنسان من بعد موته *** إلى قبره إلا الذي كان يعملُ
ألا إنما الإنسان ضيفٌ لأهله *** يقيم قليلاً عندهم ثم يرحلُ


=====================

اللهم اجعلنا مما يقال له: (اخرجي أيتها النفس الطيبة إلى روح وريحان ورب راض غير غضبان)

هناك تعليق واحد:

  1. مرحباً، لا أعرف من قد يحتاج هذا، لكنني متأكدة من أن أحدهم قد يجد المساعدة مثلي من خلال مساعدة الدكتور أجايي. لديّ حبيب كنت أواعده منذ خمس سنوات. استيقظ ذات صباح وأخبرني أن العلاقة قد انتهت. كنت أبكي لشهور. كنت في حيرة شديدة وحزن شديد. أرسلت أختي وصديقتي المقربة جانا للتوسل نيابة عني، لكنه أصر على أن العلاقة قد انتهت وأنه سئم مني. حتى يوم رائع عندما سمعت عن الدكتور أجايي، قرأت بعض الشهادات على موقعه، لذلك قررت أن أجرب. اتصلت به وأخبرني بالأشياء التي يجب القيام بها ليلقي تعويذة. في البداية كنت أفكر فيما إذا كان يجب عليّ القيام بذلك، لكنني قررت أن أجرب. فعلتُ ما طلبه مني الدكتور أجايي، مُشعوذ السحر، ثم فجأةً، بعد سبعة أيام، جاء صديقي الذي تركني دون سبب إلى منزلي ذات مساء، وكان يتوسل إليّ لعودتي، حتى أنه جاء مع أخيه وتوسل لي بالمغفرة. بعد كل هذا الألم الذي مررتُ به، عاد صديقي. أنا سعيدة جدًا، كل الشكر للدكتور أجايي. يمكنكِ التواصل معه لأي نوع من أنواع التعاويذ. أعتقد أنه سيُساعدكِ في تجاوز مشاكلكِ العاطفية. البريد الإلكتروني: drajayi1990@gmail.com

    فايبر/واتساب: 2347084887094

    ردحذف